على مفترق الطرقات وجوار المساجد والأسواق الكبيرة، يوجد بائعون جوّالون للخضار والفاكهة والمكسرات، والتمور والعطور، وغيرها، وتجري بين هؤلاء ومراقبي البلديات، والأمانات مطاردات، أي أن هذه الأجهزة المعنية بنظافة المدينة ونظامها ترفض أن تشوَّه بهذه الصور غير اللائقة، لكننا حين نرى البائعين وخلفهم عائلات تحتاج هذه المداخيل، وأن مبادرات الأشخاص، تعني تحفيز العاطلين عن العمل في البحث عن مثل هذه المهن نجد أن الموضوع يحتاج إلى تنظيم يحفظ للنظام هيبته، ولا يحرم هؤلاء الفقراء من وسيلة عيشهم وكسبهم.. ففي المدن الكبرى بمعظم دول العالم، نجد في وسط الطرقات "بسطات" يباع فيها كل شيء وضمن ترتيب خاص، وربما بأجور رمزية من أجل استيعاب البطالة، وفي بلدان أخرى صممت سيارات جوالة تحتوي على رفوف للبيع وبرخص معينة، وفي أماكن محددة، تراعى فيها النظافة بإيجاد سلات مهملات مع السائق أو البائع حتى لا يتم رمي المخلفات.. لنأخذ مثلاً قريباً، في عيد الأضحى الماضي انتشرت ناقلات الذبائح في كل مكان، وقد خففت على الأسواق الرئيسية بزحماتها واكتظاظ البائعين والمشترين، وقد تكون النسبة العليا من الجالبين، أصحاب تربية المواشي، أو الرعاة، وهي مناسبة لا تُحدث فوضى دائمة، لأن الجميع يأتون في أيام محددة يذهبون بعدها إلى مراكز إقاماتهم، ولا نعتقد أن هذا يسبب مشكلة، لكن يمكن تنظيم هذه الحالات الطارئة في تحديد المواقع وبشكل لا يتسبب في إرباك السير أو حركة المدينة.. لقد نظمت الأسواق شبه الدائمة مثل بائعي التمور وأسواق مركزية صارت تنافس البقالات وبائعي مختلف البضائع، وطالما هناك قوائم من المشاريع تحتاج للترتيب والتنظيم، فالملاحقة يجب أن لا تتم فقط لهذه الفئات، عندما نرى المياه المحلاة تتدفق في الشوارع رغم قيمتها التي لا تعوض، ولا نجد التنسيق في أشجار الشوارع التي نراها أمام كل منزل بحيث يتم تشذيبها وبشكل يتناسب وذوق كل شخص، وقيمة المكان، وحتى واجهات العمارات الكبيرة التي تبدأ بوضع أشجار وزهور على مداخلها، وبلاط أو رخام، كثيراً ما تهمل، على اعتبار أن صاحب العمارة فرداً أو شركة، أو بنكاً، ليس لديه الحس الذي يجعل المدينة في صورة أجمل، طالما قام بالمهمة عند نهاية مشروعه.. أما ألوان الفلل والعمارات، وفوضى الأشكال، والأسوار التي تعلوها سواتر أخرى، ووضع خيام داخل المنازل، وترك الصوالين الفخمة، فهي صور أخرى تناقض أي ذوق عام أو خاص، وطالما نحارب ونراقب من يرمي قمامة من السيارة، أو المنزل، فهل يتم التنظيم لهذه الحالات جميعاً لنرى مدناً أكثر نظافة وتنسيقاً؟