لقد تشرفت بدعوة الشيخ محمد الصالح لي في مساء يوم الأحد في منزله بالرياض. إن الشيخ صالحاً رجل على قدر كبير من الحكمة، والعلم والإيمان. وقد ناقشنا قبل تناول العشاء العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب. وقد اختار الشيخ أثرا مثيرا للاهتمام لم أقرأه من قبل. قام برواية هذا الأثر المستور بن شداد (رحمه الله)، بينما كان يجلس مع عمرو بن العاص (رضي الله عنه). وقد وصف عمرو بن العاص (رضي الله عنه) خمس سمات كانت تتصف بها "روما" أو الغرب. وتتلخص هذه السمات في القدرة على إبداء العطف في المواقف الصعبة، والمعافاة بعد الكوارث، والوقوف بعد السقوط، والرأفة بالضعيف والفقير، ومقاومة الزعيم الطاغية. مرة أخرى، يعكس هذا الأثر النبيل عمق التاريخ الذي يربط العالم الإسلامي والغرب معا. إنني أعتقد اعتقادا قويا بأننا سوف نحيا جميعا في عالم أكثر أمنا ورخاء وسلاما من خلال التعاون والحوار بين الأديان. لهذا السبب فإنني أشيد بالقيادة التي أظهرها خادم الحرمين الشريفين عبر إطلاقه للحوار بين الأديان. إن المملكة المتحدة تأخذ هذا الحوار على محمل الجد بدرجة كبيرة. وقد قال دولة رئيس الوزراء، السيد جوردون براون، في كلمته أمام المؤتمر الذي عقد في نيويورك: "لم يحدث من قبل أن احتل عقد مثل هذا الحوار العالمي مثل هذه الدرجة من الأهمية. ولم يحدث أن عملت هذه القيادة العالمية على إنجاحه بمثل هذه القوة والتحفيز. كما لم تصل الفرص العالمية التي من الممكن أن تترتب على هذا الحوار - المتمثلة في إنهاء النزاع والشقاق، وسوء الفهم والفقر- من قبل إلى هذه الدرجة من الدراسة العميقة والحتمية". إن أحد الأسباب وراء الأهمية البالغة الذي يمثله هذا الحوار للمملكة المتحدة هو أن المواطنين البريطانيين يأتون من كل عقيدة ودين. وهناك ما يزيد على مليوني مسلم في المملكة المتحدة، بينهم حوالي 000ر 25هنا في المملكة الآن لأداء مناسك الحج، وهناك عدد كبير يؤدون العمرة طيلة العام. يعتبر الإسلام حاليا جزءا لا يتجزأ بدرجة كبيرة من المجتمع والثقافة البريطانية، كما أن الحجاج البريطانيين في البقاع المقدسة لديهم هوية فريدة من نوعها في كونهم مسلمين وبريطانيين في نفس الوقت. إن الحكومة البريطانية تفهم أن الحج يمثل الأيام القليلة الأكثر أهمية في حياة الكثير من المسلمين. إننا نريد أن نساعد مواطنينا على أداء الحج بالصورة الأكثر أمنا وسلامة، لكي يتمكنوا من التركيز بالكامل على النواحي الروحانية للحج. لهذا السبب، فان الحكومة البريطانية تقدم دعمها لبعثة الحج برئاسة اللورد بيتل، وتقدم الخدمات الهامة والدعم للذين هم بحاجة إليها أثناء الحج. إننا الدولة الوحيدة غير المسلمة التي تقوم بذلك، الا انني أعتقد شخصيا أن هذا الالتزام هو أحد أكثر الالتزامات أهمية التي تقوم بها السفارة في كل عام. انني أرغب في أن أنتهز هذه الفرصة لكي أعبر عن الشكر لجميع السعوديين الذين أظهروا حفاوتهم بالحجاج البريطانيين هذا العام. إن المملكة العربية السعودية مباركة لتوليها مسؤولية رعاية البقاع المقدسة. إن كرم الضيافة والصداقة اللتين تقدمهما المملكة خلال كل موسم حج هما مصدر شرف عظيم بالنسبة لكم. وأخيرا، أرغب في أن أتمنى للذين لم يحجوا في هذا العام عيدا مباركا. وآمل أن تتمكنوا من الاحتفال مع أسركم بعيد سعيد. وكل سنة وأنتم بخير. @ السفير البريطاني في المملكة