رغم الميزانيات الضخمة التي أنفقتها الدولة خلال العقود الماضية والجهود الكبيرة التي بذلتها غالبية الأجهزة الحكومية لتوفير الراحة لحجاج بيت الله الحرام والحفاظ على أمنهم وسلامتهم وتأمين إسكانهم وتسهيل تنقلاتهم ومحاولاتهم الحد من تزايد أعدادهم بوضع تنظيم للحجاج القادمين من خارج المملكة وإصدار تصاريح للمواطنين والمقيمين بعد ثبوت اشتراكهم في حملة حج تضمن سكنهم وإعاشتهم وتنقلاتهم، إلا أن النتائج الضخمة لا تتناسب مع ما تم إنفاقه من أموال وما تم تنفيذه من مشاريع وما تم بذله من جهود بسبب تمكن أعداد ضخمة من المواطنين والمقيمين والمتخلفين من التوجه إلى المشاعر المقدسة من كافة مناطق المملكة بسهولة بالغة وأداء مناسك الحج وافتراش الأرصفة والطرقات والساحات والجسور وتناول وجبات مجانية يتم توزيعها طيلة أيام الحج في كافة المشاعر المقدسة وما يترتب على ذلك من مخلفات وإعاقة لحركة المشاة والسيارات إضافة إلى المظهر السيئ الذي لا يتناسب مع قدسية هذه المناسبة المباركة وسمعة بلادنا الغالية. وفي هذا العام أطلقت الجهات المعنية شعار (لا حج بلا تصريح) مؤكدة عزمها على مواجهة مخالفات وتجاوزات الحجاج وافتراش الطرق والساحات التي يترتب عليها معاناة الحاج النظامي في أداء نسكه وأنها لن تسمح لأي إنسان بالتحايل على الأنظمة عن طريق التسلل إلى المشاعر المقدسة أو الحج عبر الشركات الوهمية أو تزوير التصاريح، وأنه لن يسمح حتى لأهالي مكة بالحج دون تصريح. والحقيقة هي أن كثيراً من المواطنين والمقيمين النظاميين وغير النظاميين يتمكنون من الحج بدون تصاريح ويقومون بتكراره سنوياً رغم التأكيدات الرسمية الموسمية بضرورة الحصول على تصريح للحج وعدم السماح لمن لا يحمله بدخول المشاعر المقدسة ووجود نقاط تفتيش أمنية على مداخل مكةالمكرمة تتعاطف أحياناً مع بعض الحجاج، وتتساهل مع بعضهم، وقد تضطر بسبب الازدحام الشديد يوم عرفة إلى السماح لجميع القادمين بالدخول مما يؤكد ضرورة وجود نقاط أمنية من جهات أخرى بعد كل نقطة تفتيش مباشرة لضمان عدم تساهلها مع أي حاج غير نظامي. ومع تقديري البالغ للجهود الضخمة المخلصة المبذولة من الجهات المعنية لمنع المخالفين من أداء مناسك الحج الذين يتحايل الكثير منهم على نقاط التفتيش بدخول مكة بملابسه العادية فإن أرصفة وطرقات وساحات وجسور المشاعر المقدسة الخالية من المفترشين ستؤكد لنا نجاح خطة حج هذا العام وشعارها (لا حج بلا تصريح) نظراً لأن الحجاج النظاميين لا يمكن أن يهجروا مساكنهم وإعاشتهم المدفوعة سلفاً ويفترشوا الطرقات، فالقادمون من خارج المملكة يتم تأمين سكنهم وإعاشتهم وتنقلاتهم من قبل مؤسسات الطوافة، والقادمون من داخل المملكة يتم تأمين سكنهم وإعاشتهم وتنقلاتهم من قبل مؤسسات وشركات خدمة حجاج الداخل. أما إذا كانت أرصفتها وطرقاتها وساحاتها ممتلئة كعادتها بمخالفي أنظمة الحج والإقامة فإننا لم نتمكن هذا العام من تطبيق شعار (لا حج بلا تصريح) في حين تمكن المخالفون والمتخلفون من تطبيق شعارهم (حج بلا تصريح).