بعد مقال الأسبوع الماضي كانت هناك تفاعلات كثيرة مع عدد من عناصر الموضوع. وما أرغب في التجاوب معه هي القصص الخاصة بمدرسة القيادة الوحيدة لدينا "دلة". فقد وردتني العديد من التجارب غير الإيجابية التي مر بها قراء بما يماثل ردود فعل مقاليّ السابقين (الاقتصادية 2006/9/4وآراب نيوز 2006/9/4) حيث لم يقتصر التفاعل على المواطنين ولكن كان هناك عدد من تفاعلات المقيمين. وسوف أترك بعض هذه التجارب تحكي عن نفسها دون تدخل كبير، مع ملاحظة أن غالبية مداخلات المقيمين تتعلق بالعنصرية في التعامل معهم، وهي عنصرية لا تقتصر في اتجاهها من السعودي إلى المقيم بل من جنسيات عربية إلى جنسيات آسيوية أيضاً، وعنصرية مقابلة في حال كان المدرب غير سعودي يمارسها ضد السعوديين، وكلها في إطار المدرسة المذكورة أعلاه، والتي لم أتلق منها أي رد أو تعليق منذ ذلك الوقت. هذا محمد ذو الثمانية عشر ربيعاً، حصل السنة الماضية على ترخيص قيادة بعد تجربة قصيرة، ومدة تدريب من يطلبون الترخيص هي أربعة أيام والخامس للامتحان. وغالباً ما يكون المدربون من جنسيات عربية والممتحنون سعوديون. ويقول محمد بأنه ليس هناك تشديد على حضور كل الدروس التي تمتد من السابعة صباحاً إلى الظهر، فيكفي أن يثبت الطالب حضوره ويخرج بضعة ساعات ثم يعود ليكمل الدروس. ودروسه النظرية كانت مرتبطة ببوسترعلى شكل مطوية مقواة توزعها دلة بالتعاون مع إدارة الرخص في وزارة الداخلية، حيث تعرض الإشارات والعلامات المرورية ومعانيها بالعربية والانجليزية وفي الوجه الآخر منها تجد التالي: إرشادات، وجمل إنشائية حول كيف أن نظام المرور هو مرآة تحضر البلد. ثم فقرات مختلفة من الإرشادات الخاصة بحريق السيارة، وبما عليه تذكره، وما عليه الحذر منه، وبالصيانة الدورية الأولى والصيانة الدورية الثانية، إرشادات وقوع حادث للراكب، وقوع حادث أمام السائق، ومحتويات حقيبة الإسعافات الأولية. وهي معلومات تبدو أنها مختصرة لدليل من المفترض أنه أكثر تفصيلاً. وفي نفس الصفحة هناك ترجمة لكل هذه الإرشادات بالإنجليزية، والعجيب أنها تبدأ بتوجيه الخطاب إلى السائق، ثم تتحول في الجمل التالية إلى الأخ المواطن Citizen مما يشكل تناقضاً حول من تُوجه إليه هذه الإرشادات. ويعتمد الاختبار الشفهي على حفظ هذه الإرشادات، وعلى حفظ العلامات وهي خارج سياقها وليس في أي شكل من أشكال الأمثلة أو التفصيل في إطار أنظمة المرور. ويعطونهم عشرين سؤالاً ويطلبون حل 12سؤالا قام المدرب بإعطائهم خمسة أسئلة ذكر أنها من المؤكد ستشتمل على الامتحان. ولقائد الحافلة حل 15سؤالا ويحضرون نفس الدروس لكن يقودون شاحنة صغيرة وقت التدريب والامتحان. ووقت الاختبار العملي ركب الممتحن السعودي فدخل محمد السيارة ومعه مشروب، لم يربط الحزام ولم يتأكد من المرايات ولم يعلق الممتحن وطلب منه البدء. فقاد محمد السيارة داخل مجمع المدرسة حتى وصل عند إشارة توقف stop sign فلما توقف إذ بالممتحن يقول له :"إنت مصدّق، إمش إمش". ثم طلب منه أن يعشّق السيارة على الجير الأول، ثم قال له: "زرّها (أي اضغط بقوة) ففحّط، فقال له: خلاص لا "تفلّها" كفاية كدة". ثم أنهى ملء ورقة الامتحان ورأى محمد أنه أشّر بالصح على أشياء لم يقم بها محمد أساساً مثل ربط حزام السيارة وتشييك المرآة وغيرهما من المعايير الموجودة في ورقة الامتحان. وكان هذا كل شيء، وأخذ الرخصة. وأمامه مرّ شاب يطلب ترخيصاً أيضاً وأدرك الجميع على الفور أنّ لديه واسطة. سألت محمداً كيف عرفت ذلك، قال سأله الممتحن سؤالاً واحداً ثم طلب منه أن يذهب إلى الممتحن الثاني، فسأله نفس السؤال وتناول ترخيصه ومضى حتى من غير اختبار عملي. أما صديقتي التي وصلها سائق هندي لا يتحدث بالعربية ولا الانجليزية فقد أرسلته إلى دلة حسب النظام ليعادلوا رخصته، وبعد تدريبٍ يومي ورسوب ثلاث مرات تخرج بعد أربعة أشهر وخرج ليقود سيارتها عاكساً السير، ومتنقلاً بين المسارات دون قيود، ولافاً دون إشارة فلا تدري هل كان هذا ما تعلمه لديهم أما أنها خبرته السابقة. وسوف أستبقي قصتي عبدالرحمن وعبدالله لمقال آخر. وبانتظار رأي المدير التنفيذي لمدارس دلة، الأستاذ عمرو محمد كامل فيما وصلنا أعلاه. @رحمة: أدعو الله الرحمة والمغفرة لحمود الفايز وبأن يجبر والديه ويلهمهما الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون. @ مؤرخة وكاتبة سعودية