أوصى المؤتمر الأول لمناهضة العنف ضد المرأة في المملكة الذي عقد الأحدالماضي في جامعة الملك سعود في الرياض بسن أنظمة وقوانين لحفظ حق المرأة التي تتعرض للعنف، واشتمل المؤتمر الذي أقامه برنامج الأمان الأسري إحياء لليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ثلاث محاضرات، تناولت العديد من القضايا الخاصة بالمرأة والعنف الأسري وكيفية التصدي له، في ظل حضور المئات من الطالبات. وقالت الدكتورة مها المنيف المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري أن العنف موجود في كل بلدان العالم وأن المملكة العربية السعودية ليست استثناء، منوهة إلى أن العنف ضد المرأة لا يقتصر على فئة اجتماعية معينة بل يحدث في كافة الطبقات والأطياف، وأشارت المنيف إلى أن المملكة العربية السعودية ارتبطت بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، مضيفة أن الانفتاح الذي حصل في المملكة على قضايا المرأة والعنف الموجه ضدها أدى إلى تميز الخدمات في مجال إيواء وتقديم الرعاية للنساء المعنفات. وقالت الدكتور المنيف "أن الكثير من حالات العنف لا يتم الإبلاغ عنها باختيار المرأة التي يغلبها خوفها أو خجلها من مواجهة المجتمع، مضيفة أن الضحية تشعر في بعض الأحيان بالذنب وأنها سبب وقوع الاعتداء، ففي تلك الحالات تفضل عدم الإبلاغ. وأوضحت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمان الأسري أنه لا يوجد إحصائيات واضحة في المملكة العربية السعودية حول العنف الموجه ضد المرأة، ولكن من خلال دراسة ميدانية لإحدى مستشفيات الرياض اتضح أنه يستقبل حالة عنف كل خمسة أيام على الأقل. وأضافت بأنه وخلال الدراسة استغرقت خمسة أشهر تبين أن متوسط عمر الضحية أربعة وثلاثين عاما، ونصف حالات الاعتداء تكون من قبل الزوج على الزوجة، مشيرة إلى أن متوسط سنوات الإيذاء والاعتداء كانت تزيد عن 7سنوات وأن 25% من ضحايا العنف كن حوامل. وفيما يتعلق بمسببات العنف الموجه ضد المرأة وجذوره الاجتماعية، شددت المنيف على ضرورة إيجاد قوانين تحمي المرأة خاصة وأن المرأة في المجتمعات المحافظة تربت على ثقافة التأديب والضعف، قائلة بأن المجتمعات المحافظة هي مجتمعات ذكورية ويعتمد الزوج في العلاقة الزوجية على ثقافة الملكية وأن المرأة والطفل يقعان ضمن إطار ملكيته الشخصية. وتطرقت إلى نظام الحماية من الإيذاء المقدم إلى مجلس الوزراء، مبينة أنه يتكون من 16مادة أبرزها المادة الثالثة والتي تلزم العاملين في القطاعين الحكومي والأهلي بالتبليغ عن أي حالة عنف يواجهونه أثناء تأديتهم لعملهم. وأضافت "كما يتضمن النظام مادة عن الإجراءات الواجب تقديمها للضحية المعنفة من رعاية صحية وطبية، والحيلولة دون استمرار العنف وأخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المعتدي"، موضحة "أنه من المفترض أن يكون هنا ضمان سرية وحماية للمبلغ عن حالة العنف الأسري". ورأت المنيف أن أنجع وسائل الوقاية من العنف الموجه ضد المرأة هو تمكين المرأة علميا واقتصاديا واجتماعيا. من جهتها شاركت الدكتورة وفاء نصار الأستاذ المساعد بقسم علم النفس بجامعة الملك سعود بورقة بحثية حول مفهوم العنف ضد المرأة وتعريفه وأنواعه وأكثرها انتشارا في المجتمعات العربية، وعرفت العنف ضد المرأة بأنه "كافة أشكال السلوك المباشر وغير المباشر الذي يكرس تبعية المرأة ويحط من قدرها". وحول أشكال العنف ضد المرأة أكدت نصار أن العنف يختلف في شدته من عنف بسيط إلى عنف يودي بحياة المرأة، وقالت نصار إن النظرة تتباين حول العنف ففي بعض الدول اعتبر أشد أنواع العنف هو ضرب الفتاة أو تزويجها قسرا، بينما كان في بعض الدول السخرية من شكل المرأة وتهديدها وتحقيرها من أقسى أشكال العنف، ونوهت نصار إلى أن العنف الأسري يرتبط ارتباطا وثيقا بالاضطرابات النفسية، موضحة أن المرأة المعنفة تعاني غالبا من قلق واكتئاب شديد، وأوصت الدكتور نصار من خلال ورقتها البحثية بالعمل على إنشاء جمعية رسمية للمرأة تعمل على مساندة النساء المعنفات، وتوعية المرأة بحقوقها من خلال التثقيف الإعلامي، مشددة على ضرورة الإرشاد النفسي للمقبلين على الزواج، والعمل على تدريس الطلاب والطالبات في كافة المراحل مادة تختص بالتربية الأسرية. وعرضت الدكتورة أمل الداوة الأستاذ المساعد في علم النفس العصبي بجامعة الملك سعود مجمل ما توصل إليه بحث قامت به على عينة من النساء المتزوجات تراوحت أعمارهن بين التاسعة عشر والثالثة والأربعين، حمل عنوان "علاقة بعض المتغيرات المعرفية والاجتماعية والنفسية بمدى تقبل المرأة للعنف" حيث توصل البحث إلى أن المرأة التي تقبل العنف تتميز بأنها تسعى للعنف حيث تثير عدوان الرجل ليحقق لها الرغبة في هزيمة الذات. وأضافت أن من أبرز الخصائص للمرأة التي تقبل العنف أنها تكون أكثر أنوثة وأكثر ميلا للتسامح وتقديرها لذاتها منخفض، وربطت الدراسة التي أجريت على عينة من مناطق مختلفة في جمهورية مصر العربية بين عدد الأطفال وسنوات الزواج والمستوى التعليمي ومدى تقبل المرأة للعنف. وأكدت الداوة على حاجة المجتمع السعودي بشكل خاص والمجتمعات العربية بشكل عام إلى دراسات نفسية عصبية لتحديد الأسباب الكامنة وراء العنف، منوهة إلى ضرورة وضع برامج إرشادية وعلاجية. من جهة أخرى وعلى هامش اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ينظم برنامج الأمان الأسري صباح اليوم الثلاثاء محاضرة توعوية للطالبات والأكاديميات عن العنف ضد المرأة في كلية اليمامة قسم الطالبات تقدمها نورة الصويان مديرة قسم الخدمات الاجتماعية ببرنامج الأمان الأسري الوطني، كما تعقد حلقة نقاش توعوية لشريحة عامة من السيدات مساء الثلاثاء في مجمع بشرى النسائي من تقديم الأخصائيتين الاجتماعيتين ببرنامج الأمان الأسري الوطني شيخة العنزي ونوف ملائكة، كما تم تخصيص مساحة لمعرض مفتوح يستمر لمدة أسبوع في مملكة المرأة من السبت 22إلى الأربعاء 26نوفمبر.