لا يمكن لأي متابع دقيق لوضع الرياضة السعودية إلا الاعتراف بالغياب التام الذي تعانيه حد الاضمحلال والضمور على الصعيد القاري، وهو السبب الذي جعلها تدخل في إشكاليات عديدة ومع غير اتحاد آسيوي، كما حدث مؤخرا مع اتحاد كرة القدم وقبل ذلك مع أكثر من اتحاد. هذه الخلافات إنما نشأت لعدة أسباب؛ أهمها الضعف الذي نعانيه على مستوى التمثيل في الاتحادات الآسيوية إما بسبب الغياب عن المناصب القيادية، أو لعدم وجود الدعم الكافي لممثلينا الناجحين فيها، وهو ما جعل عقارب بوصلتنا تضيع على خارطة القارة الصفراء رغم الثقل الاستراتيجي والاقتصادي وكذلك الرياضي للمملكة. الواقع في الاتحادات الرياضية الآسيوية يؤكد الغياب السعودي تارة، والتواجد الخجول تارة أخرى، في وقت تبسط فيه بعض الدول نفوذها عليها، لا لأنها تمتلك الكوادر القيادية الفذة التي تفوق كوادرنا، وإنما لكون المسيرين للرياضة فيها وجدوا أن رمي ثقلهم في هذا الجانب سيحقق لهم العديد من المكاسب والمصالح، وهو ما نلسمه اليوم بشكل جلي. لنأخذ مثالا على ذلك بشقيقتنا قطر التي باتت تتسيد القارة على مستوى المناصب القيادية الرياضية، سواء على مستوى رئاسة عدد من الاتحادات فيها كالقدم والسلة والجمباز، أو من خلال تغلغل كوادرها الإدارية إن على مستوى نواب الرئيس أو في اللجان التنفيذية وهي التي تحرك خيوط اللعبة في أي منظومة عمل، فضلا عن وصول عدد من الكوادر القطرية لمناصب عليا في الاتحادات الدولية حيث يقبض أربعة قطريين على منصب نائب الرئيس في اتحادات المبارزة وكرة الطاولة والشطرنج وألعاب القوى،عدا عن المناصب الكثيرة لها في اللجان المتعددة إن قاريا أو دوليا، ولنسقط ذلك على المكتسبات الكبيرة التي جنتها قطر في السنوات القليلة الماضية لندرك مدى حجم الفائدة لدولة كانت غائبة عن مسرح الرياضة الإقليمي فضلا عن القاري والدولي حتى حقبة التسعينيات. ولعل من أهم الأمور التي تغيب عن ذهنية الرياضي السعودي هي أننا لا نملك أي قيادي على مستوى القارة في مستوى رئيس اتحاد، ناهيك عن غيابنا المؤسف عن مواقع كثيرة ما كنا لنغيب عنها لو أن حراكا جادا حدث في هذا المضمار، أقول ذلك وأنا على يقين بأن هذه المعلومة ستكون صادمة للبعض ومزعجة لآخرين إلا أنها حقيقة، وعادة كثير من الحقائق أن تكون كذلك!. ويبقى السؤال الصعب: من هو المسؤول عن تواري كوادرنا عن المناصب العليا في الاتحادات القارية والدولية، ومن هي المرجعية التي يفترض أن تكون داعمة لوصول مرشحينا أو معززة لبقاء وتقدم من هم موجودون أصلا؟.