أعلم أن كثيراً منا يعي بحكم انتشار الثقافة العلمية والطبية العصرية حاليا عن علاقة الرضاعة الطبيعية في حماية الأم المرضعة من الإصابة بعون الله بسرطان الثدي ولكني هذه أول مرة اسمع فيها عن أن النساء اللاتي تلقين رضاعة طبيعية في طفولتهن تقل مخاطر إصابتهن بالمرض عندما يكبرن فهل يعطينا هذا الدليل مزيدا من التحفيز لعودة المرأة للرضاعة الطبيعية دون اللجوء للحليب الصناعي أو أعذار متداولة؟ الواقع أن علاقة حليب الأم في حماية الطفل ورفع مناعته منتشرة كمفهوم مناعي اجتماعيا بكثافة تجعلنا ندهش لوجود عزوف أو كسل من بعض الأمهات من منح أطفالهن هذا الحق وحتى في حالة وجود نقص أو مرض للام كانت العائلات في زمن مضى يستعينون بالمرضعات أو القريبات لإرضاع أطفالهم مما يجعل كثيرا منا يرتبط بعلاقة إرضاع مع إخوة أو أخوات ولكن الان تغير الوضع ولم يعد ذكر المشاركة في الرضاعة مطروحا وكأن الرضاعة الطبيعية أصبحت في خانة خيارات وليست حقا يحتاجه الرضيع. علما بأن مناعة حليب الأم من الأمراض تستمر لسنوات طويلة وليست السنة الأولى كما كان يعتقد ففي الدراسة الجديدة عن الموضوع الذي شارك فيها الباحث هزيل بي نيكولاس ذكر لنشرة رويترز هيلث بأن النساء اللاتي حصلن على رضاعة طبيعية في طفولتهن يواجهن احتمالات أقل بنسبة 17% من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي وأضاف وهو من جامعة ويسكون سن في ماديسون لكن لم نلحظ هذا الانخفاض عندما درسنا تحديدا النساء اللاتي كن أول مواليد أمهاتهن غير انه أشار هو وزملاؤه له في الدورية الطبية "علم الأوبئة" Epidemiology إلى إن عمر المرأة عند الولادة يساعد في توقع مستويات الملوثات البيئية في لبن الثدي وان الدراسات تشير إلى صلة محتملة بين زيادة مخاطر سرطان الثدي وتراكم هذه الملوثات ولتحليل ما إذا كان ترتيب مولد المرأة بين أشقائها أو شقيقاتها وعمر الام وقت ولادتها وما إذا كان للرضاعة الطبيعية اثر على مخاطر الإصابة بسرطان الثدي اجرى الباحثون مقابلات مع 2016امرأة تراوحت أعمارهن بين 20و 69عاما اصبن بسرطان الثدي و 1960امرأة من نفس العمر غير مصابات ..وكما لوحظ فالنساء اللاتي حصلن على رضاعة طبيعية خلال طفولتهن قلت لديهن بصفة عامة مخاطر الإصابة مما يجعلنا نتساءل هل لو نشرت المعلومة على مستويات عامة ورسخ مفهوم الوقاية للام والطفل معا في هذا الشأن سنقنع عددا اكبر ربما لم تكن تدري عن هذه العلاقة وبالتالي لم تلتفت إلي ايجابية التأثير؟. ربما عندها سيفتح باب البحوث ليشمل تأثير هذا المناعة لأنواع كثيرة من الأمراض والمتاعب الاخرى الصحية رغم بأنه على المستوى الإعلامي والتربوي لا تنقصنا حملات التوعية ولكن السؤال عن نوعية الفئات التي تصلها - المستهدفة بالتوعية - هي ما نبحث عن درجة قناعاتها وبناتنا بالتحديد أمهات المستقبل يبدون أكثر الفئات احتياجا وكثير من مفاهيمهن تأتي لدهشتنا من وسائط الترفيه العصرية والانترنت بالطبع ولكن يبقي أمر التطبيق وهنا نحن نتناول الرضاعة الطبيعية مثلا التي تحتاج فيها إلام إلى تشجيع الأهل والزوج ودعم عائلي كي تتم المهمة دون عوائق يجعلني أحيانا أفكر هل بات المجتمع في حاجة ليعود إل أسلوب البيت الكبير أو العائلة الممتدة حيث يتم التعاون في تربية الأبناء ودفء الاحتواء العائلي بعدما جرفنا تقليد الغرب والتباعد العصري عن التقارب الإنساني الفطري؟.