حرصتُ على متابعة وقراءة كل الردود الواردة في موقع جريدتنا الرياض تعليقاً على خبر نشر يوم الأربعاء من هذا الأسبوع، الخبر من الدمام يتضمن الحكم على مواطن ب 68جلدة عقاباً له على تلفظه بألفاظ بذيئة على زوجته في مكان عام على مرأى من الناس. حاولتُ أن أكون حيادية في تعرفي على اتجاهات التعليقات، فهناك من رأى أن الأخ يستاهل لأن الرجل الذي يهين زوجته أمام الناس "ماهو برجال"، وهناك من أشاد بشجاعة الزوجة التي لم تسكت على الإهانة والفضيحة بل أعطت لزوجها درساً لا ينساه بحكم محكمة، ومنهم من طلب من كل النساء أن لا يتنازلن عن حقوقهن ولا يسكتن على ضيم، ومنهم من تذاكى ونصح الزوج بأن يهين زوجته كما يشاء لكن بين جدران البيت "براحته" وليس أمام شهود! اتجاه الآراء الآخر كان يستنكر أن ترفع المرأة قضية على زوجها وتوصلها للمحاكم ، وتساءل عن واقع الحياة بين هذين الزوجين بعد صدور وتنفيذ هذا الحكم، وطبعاً معظمهم كان متأكداً من استحالة الحياة بينهما، وأن الزوجة ستتطلق ويخرب بيتها، وقد لا تجد زوجاً يقبل بزوجة شكت زوجها السابق للمحكمة! أما ثالث اتجاهات الآراء فكان بعضها يشيد بحزم الحكم حتى يكون رادعاً للباقين، ومنهم من كان يبحث عن المزيد من التوضيح حيث تساءلوا عن الحكم نفسه "لماذا 68جلدة تحديداً؟"، وتمنوا أن يوضح القاضي كيف حسبها بهذه الدقة للإفادة وأخذ العظة.. فهذه الفئة تقر بعدم علمها بأن الشرع أقر الجلد لتهمة الشتم، وتساءلت "هل يتساوى المواطن مع المقيم في هذا"؟.. وهناك من تمنى لو مارست لجنة الصلح بالمحكمة دورها في التوفيق ومراضاة الطرفين حفاظاً على الحياة الزوجية بينهما وحفظاً للأولاد (وأذكر أن هذا حدث سابقاً في قضية الزوج الذي اشتكى ضرب زوجته له أمام أنسبائه في محكمة مكةالمكرمة فأصلحت المحكمة بينهما بدون عقوبات). بشكل عام نعتبر التصريح بكل هذه الآراء هو ظاهرة صحية وطبيعية، والأجمل فيها أن موقع الجريدة لم يحجبها ولم يقننها بل نشرها - وقد وصل عددها عند أذان الظهر لحظة تسليم هذا المقال للنشر- حوالي 160تعليقاً! وبيني وبينكم قد تجدون منا من تحركت داخله كل هذه الآراء مجتمعة تجاه هذه القضية، دون تعصب لأحدها دون الآخر، فالمرء يحتار أي المواقف هي الأصوب.. والأمثال تقر بهذا فكم من قال "اللي يده بالنار مو مثل اللي يده بالماء" وكذلك "النار لا تحرق إلا رجل واطيها".. فالمرء نفسه هو خير من يحدد علاج قضاياه، لأنه أدرى بظروفه، شريطة أن لا يتحكم به شيطان الغضب والعناد فيحرق الأخضر واليابس في ثوان.