لم تكن اللحظات الأخيرة للشهداء عادية بل كانت بمثابة قصصا مؤثرة توحي باقتراب سويعات الفراق بين الأهل والأحبة. "الرياض" رصدت ذكريات اللحظات الأخيرة قبل الاستشهاد لأسر شهداء الوطن مع ذويهم من الشهداء في مشهد يوحي بعظم الخطب وهيبة المصاب الجلل، ولكن العزاء في وقوف القيادة الرشيدة مع هذه الأسر واحتضانهم والاهتمام بشؤونهم الذي خفف عليهم وطأة الألم ومرارة المصيبة، كأقل ما يقدم لذوي الشهداء لأرواحهم الطاهرة. وكان اجتماع الأسر في القصيم حدثاً مهماً لكي تلتقي ويتعارف أفرادها فيما بينهم في ملتقى (وطن يكرم شهيدا)، في مبادرة طيبة في اللجنة النسائية بمنطقة القصيم في استضافة وتكريم أسر الشهداء من جميع المناطق في بريدة بقلب القصيم، وفي خضم الفرح تظل غصة الذكريات المؤلمة لتلك اللحظات المؤلمة عند ذوي الشهداء أمرا لا ينسى. الاستعداد للزوج وروت لنا زوجة الشهيد حسن البارقي - رحمه الله - آخر مكالمة هاتفية فيما بينهما فقالت: كان الشهيد يسألني قبل الفجر عن آخر الترتيبات للزواج والاستعدادات ويحثني بالاستعجال في الانتهاء من التجهيزات الخاصة بمراسم الزواج والذي وصفها بالطويلة، ثم جاءني نبأ وفاته في الثالثة عصراً. وتستطرد قائلة: كان حسن - رحمه الله - على جانب كبير من الأخلاق والبساطة والدماثة والحس الإنساني العالي والبر بوالدته. وتضيف: لقد كان هذا الملتقى بمثابة الذكرى الجميلة نقف فيها على اللحظات الجميلة التي عشناها مع الشهداء - رحمهم الله - وأشكر هذه الجهود المباركة لكل القائمين على هذه الاحتفالية المباركة لنقول دام الوطن لنا شامخاً آمناً من كل شر. الصلاة والدراسة أما أخو الشهيد سعد مصلح المطيري فقال: كانت وصية الشهيد - رحمه الله - لزوجته بالمحافظة على الصلاة وحث الأبناء عليها والاهتمام بالمذاكرة والدراسة للأبناء. ويضيف: لم أر الشهيد منذ مدة ولكنه حرص قبل استشهاده بساعات على لقائي تغمده الله بواسع رحمته وجعله مع النبيين والصديقين. يحلم مبتسماً أما سارة البلوشي، زوجة الشهيد تركي النعمي، من المنطقة الشرقية فتقول: لقد قال لي قبل استشهاده بيومين إنني حلمت أن هناك هجمات للإرهابيين وطلقات نارية وكنت مبتسماً، وبعد ذلك انتابني إحساس غريب بالخوف والقلق وذهبت إلى بيت أهلي ولم استطع الجلوس بالمنزل بمفردي وأخذت ابنتي شوق وكنت حاملاً في الشهر الثامن، وحاولت الاتصال به كثيراً ولكن هاتفه كان مغلقاً وفي المساء تلقيت نبأ استشهاده. وأضافت: إن هذا الملتقى أسعدني كثيراً وخفف آلامنا واستمتع الأطفال كثيراً بالبرامج المعدة لهم، وأشكر القائمين على حُسن الضيافة وجميل الاستقبال. أصغر شهيد لقد كان الشهيد محمد القحطاني بحق مفخرة لأهله ولوطنه الذي تربى فيه، ذلك البطل الذي لم يمنعه صغر سنه عن قيامه تجاه وطنه بالدور البطولي وأداء واجبه لدحر أعداد الوطن والدين، محمد القحطاني لم يتجاوز 19ربيعاً كان أصغر شهيد من شهداء الوطن، يروي لنا أخوه الأكبر اللحظات الأخيرة في حياة الشهيد قائلاً: لقد كان أخي مميزاً ونشطاً في عمله فقد حصل على المركز الأول والعديد من الشهادات خلال عمله بقوات الطوارئ الخاصة، وروى لي زملاؤه أنه في آخر لحظاته كان هادئاً مع زملائه وكأنه مودع يحاول أن يتلطف مع الجميع، حرص على أن يكون مع زملائه في القوة المساندة أثناء الهجوم على الإرهابيين وأصر على ذلك فوافق النقيب المسؤول على طلبه، ثم أصيب بطلقتين في الرأس والفخذ توفي على إثرهما في الحال، وقال لي زملاؤه انه عندما أصيب - رحمه الله - رفع يديه للشهادة وقال اذبحوهم .. اذبحوهم. ويضيف: أشكر القائمين على هذا الملتقى واللجنة النسائية لهذه المبادرة الطيبة، كما لا يمكن اغفال ما توليه القيادة الرشيدة من الاهتمام بأسر الشهداء وذويهم وتقوم على شؤونهم ومتطلباتهم، فهم كما عهدناهم سباقون لكل عمل فيه الخير والصلاح، كما أخص بالشكر أهالي منطقة القصيم ممثلة في أميرها وحرمه الكريمة كما أتقدم بالشكر الجزيل لراعية الحفل الأميرة ريما بنت سلطان. زيارة لأمه مفاجئة أما أم ناصر زوجة الشهيد فرحان الشمري من الجبيل فتقول: لقد تفاجأت بطلب الشهيد لإجازة استثنائية لكي يرى أمه وليسلم عليها بالرغم من قرب الإجازة الطويلة التي لم يتبق عليها سوى أسبوعين، أحسسنا وكأنه مودع ثم ذهب لعمله المعتاد ولكن لم يعد. واستطردت قائلة: انني أشكر كثيراً اللجنة المنظمة وعلى رأسهم الأميرة نورة وضيفة الحفل الأميرة ريما بنت سلطان، حيث لمسنا الحفاوة والتكريم منذ وصولنا وحتى الآن فبارك الله جهودهم ورحم الله الشهداء وجعلهم في جنات النعيم.