تقنية المعلومات تحديدا لا تعترف بالمستحيل؛ فما كان في الماضي خيالا يعد اليوم حقيقة، وما هو خيال اليوم سيصبح حقيقة في المستقبل، قرب أو بعد، ولنا في ذلك نماذج، فما الهاتف والتلفاز، إلا إحداها، وبعد اختراع تقنية التحكم عن بعد ازداد رفاهية استخدام تلك الأجهزة والمعدات، فتحكمك في جهاز التلفزيون أو سيارتك عن بعد، فهذا يعد أمراً عادياً حالياً، لكن أن تتحكم في منزلك ومحتوياته من خلال زر واحد سواء في الإضاءة أو التدفئة، وتشغيل الموسيقى والأفلام، بل أن يتعدى الأمر إلى أن يستغني البيت عن حارسه ويقوم هو بالمهمة ويبلغ الشرطة في حالة تعرضه للسرقة فهذا ضرب من الخيال، ولكنه أصبح واقعا معاشا، وذلك بوجود ما يسمى بالبيوت الذكية؛ وكل ما نستطيع قوله هو أن الحلم أصبح حقيقة. فالبيوت الذكية تستطيع أن تتحكم في كل شيء فيها بشكل رقمي، ويرجع ذلك إلى تقدم تكنولوجيا الاتصال بالإنترنت عن طريق شبكات فائقة السرعة، وانتشار استخدام الشبكات اللاسلكية، وإنخفاض أسعار أجهزة الكمبيوتر مع زيادة قدراتها التقنية، فأصبحت تكنولوجيا البيوت الذكية المتطورة متيسرة على نحو متزايد، حيث تشتمل على الأنظمة التي توفر لساكنيها التحكم بالإضاءة ورفع وخفض ظلال النوافذ وتغيير مناخ الغرفة عبر الكومبيوترات. ولا تقف التقنية في البيوت الذكية عند حد معين، حيث يمكن استثمار مجموعة من الوظائف السمعية والبصرية مما يسمح للمستخدمين بالاصغاء الى أنواع مختلفة من الموسيقى في غرف مختلفة أو نقل فيلم من جهاز تلفزيون ذي شاشة (بلازما) إلى جهاز تلفزيون آخر. كما يمكن التحكم من خلال آلة واحدة، لها شاشة مركزية وسهلة الاستخدام، وهذه هي الصورة التي يجب أن يتخذها التكامل والتقارب بين التقنيات المختلفة في أشياء كثيرة داخل المنزل. فالمنازل الذكية توفر لقاطنيها عالما يتميز بالخصوصية والأمان في آن واحد من خلال تأمين الراحة التي تتماشى مع مجريات التقنية الحديثة من خلال التحكم الإلكتروني في كل أجزائها. ومما تتميز به البيوت الذكية توفير الطاقة المستخدمة بداخلها بنسبة 40% والاستخدام الأمثل للطاقة الشمسية، حيث تشتمل على شبكة معلومات تنبه ساكنيها لدرجة الحرارة، إضافة إلى أن النوافذ تفتح وتغلق عند حلول النهار والليل وكذلك عندما تبدأ أجهزة التكييف في العمل، وهناك ميزة أخرى ألا وهي أنه حينما ترتفع درجة حرارة الشمس فإن الستائر تنسدل تلقائيا قبل أن تبدأ أجساد ساكنيها في إفراز العرق بفعل حرارة الشمس وفي تلك الميزة خدمة يستفيد منها الجميع لا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة. ومن الخصائص التي تفتح المجال واسعا في المستقبل أمام انتشار البيوت الذكية هي بناؤها من الأخشاب المقاومة للاحتراق والفطريات حيث يتم معالجة الأخشاب بطرق علمية بحيث تتحول هذه الأخشاب إلى مواد عازلة جيدة مقاومة للاحتراق ومقاومة للفطريات في نفس الوقت، كما لا نغفل أن صناعة الأخشاب تتميز بانخفاض مستوى الطاقة المستخدمة فيها على عكس المواد البديلة مما يعطي البيوت الذكية صفة (البيوت كاملة القيمة). وكان لكاتب التقرير زيارة لمعرض البيوت الذكية التابع لشركة سامسونج في كوريا، والذي تعرّف فيها عن قرب على هذه التقنية الفريدة والعجيبة، والتي ستتسبب في مزيد من الرفاهية والراحة للبعض، وقد تتسبب في أعباء مادية إضافية للبعض الآخر. وفي معرض حديث نائب رئيس البحث والتطوير في شركة سامسونج شانق وان هونق أشار إلى أن التكنولوجيا الحديثة في البيوت الذكية تسمح بتحسين النظم الأمنية، حيث يمكن الدخول بدون مفتاح من خلال كاميرات تستخدم في مداخلها تتعرف على ملامح أوجه سكانها إن البيوت تتميز بوجود جهاز مثبت عند مداخلها يمكنه تخزين صور أصحابها مسبقا مما يسهل عليهم عملية الدخول إليها وفي حال وجود أشخاص غرباء يحاولون الدخول تطلق إنذارا كما يمكنه الاتصال برقم الشرطة. ثمة ميزة أخرى في المنازل الذكية توفر العناء على كل سيدة ألا وهي غرفة غسل الملابس المزودة بتقنيات متقدمة، حيث تستطيع إخطار الشخص عن طريق البريد الالكتروني او رسائل الجوال المكتوبة عند انتهاء الغسيل او التنشيف.