المطر نعمة من الله فيها تغتسل الأرض والنفوس. يوم الاثنين قبل الماضي أمطرت وبغزارة وسالت على أثرها الأودية والشعاب كما نقول. فرحت بالمطر وحباتها تتساقط ولكنني خفت من الخروج من منزلي ففي الأيام العادية أنا خائفة فكيف والجو ممطر بدرجة كبيرة. ولظروف عملي اضطررت للخروج لأجد حبات المطر جميلة وهي تتساقط وكنت أتمنى أن أرى مدى تعاون وحرص السائقين وبعدهم عن الأنانية وحب الذات. رأيت العجب رأيت كيف أن المطر زاد من كشف عورة قائدي السيارات عندنا. رأيت أطفالنا وهم يفحطون في مياه الأمطار وفي وقت كانت الرؤية شبه معدومة ولتتناثر حبات الماء غير النظيف على السيارات المجاورة، عدا طبعاً تعريض حياتهم وحياة الآخرين للخطر.. ذكّرتني حالهم بأطفالي عندما كانوا صغاراً تستهويهم تجمعات المياه القليلة في الشارع ويهرعون إليها لاعبين فيها بأقدامهم الصغيرة وكل ما نخاف عليه نحن الأمهات أن لا تكون تلك المياه نظيفة أو أن تتسخ ملابسهم وأحذيتهم. تلك يا سادة ممارسات لأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة. ولكن عفواً نسيت أننا لدينا أطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة وراء مقود القيادة، ولدينا راشدون لا يعرفون أبسط قواعد الذوق الأخلاقي.. وصدقوني رأيت سيارات تعكس الطريق وفجأة وبدون مقدمات تجد أن سيارة قادمة أمامك وجهاً لوجه كل ذلك يحدث في وقت انعدمت فيه رؤية البصر والبصيرة والسبب الاستعجال فقط لأن الطريق الآخر تعطل وتأخرت حركة السير فيه. المهم يوم المطر كان لوحة من سلوك اجتماعي متدن جداً ودلالة على تربية ضعف فيها زرع روح التعاون الجمعي، ونقضٍ في قدرة أسرنا ومدارسنا على تحويل مبادئ شريعتنا السمحة إلى واقع عملي وسلوكي ننفذه على مدار اليوم لا فقط نصوص نحفظها لنكتبها في ورقة الاختبار، ونخرج للحياة بسلوك هو أبعد ما يكون عن الذوق والخلق. إنها تمطر وتمطر في كل بقاع الأرض ولكن مع المطر والظروف الصعبة وحتمية التعاون وحفظ روح الغير وضمان سلامته مع كل تلك الأهداف تمطر سلوكيات هي أقرب إلى ما تدعو إليه مبادئنا الإسلامية من حب الخير للآخر ومن الإيثار والتضحية والنظام. فهل أخذ الآخر بالنص والتطبيق معاً ولم يبق لنا سوى حبر على ورق الاختبار؟