في احد الاحاديث الشيقة للراوي المعروف محمد الشرهان لفت نظري وصفه لإحدى قصائد الشاعر الكبير على ابو ماجد رحمه الله بقصيدة (السيرة الذاتية)، وذلك لكون الشاعر قد ضمنها ابرز الصفات التي يتميز بها والمواهب التي يمتلكها، وعرضها على احد الأمراء مبدياً رغبته في مرافقته والعمل معه، وكم تمنيت ان اجد تلك القصيدة لاستشهد ببعض ابياتها التي تدل على براعة الشاعر وتمكنه، ولأن هذه الامنية لم تتحقق لي، فسأذكر قصيدة اخرى قد تشترك مع قصيدة علي ابو ماجد في انتمائها لما يمكن تسميته بقصيدة (الوثيقة)، وهذه القصيدة اوردها الباحث المعروف عبدالله الحضبي في مؤلفه (سوالف الطيبين)، ووصفها بأنها قصيدة (الطلاق)، وذكر بأن الشيخ والفارس فراج بن مذكر العماني ( 1278- 1396) قد ابدع هذه القصيدة بعد ان هجرته زوجته بسبب كثرة غزواته وطولها، وعندما رغبت في العودة اليه بعد اكثر من ثلاثة اشهر كانت اجابته التي حملها لخادمه (حمود) قاسية جداً، اذ بعث لها بقصيدة هي اشبه ما تكون بوثيقة الطلاق، يقول العماني: يا حمود لا جيت اريش العين قله عليه مردود البرا عشر مرات جذيت حبله يوم بيديه تله ولا ينحكى يا حمود في فايت فات نصبر على جفواه غل يغله ومن لا تقاضى حي.. يقمح الى مات لا نيب لا يمه ولا راجع له اقفيت منه اقفاي هجن مسيمات انا عذاب ملافخات الأظله زبن التوالي يوم لوذات الأصوات وكل على حظه وفعله يدله واترك علوم مالها صدق واثبات ولعله من المناسب الإشارة الى ان اجمل مافي الشعر هو قدرته على استيعاب الكثير من الحالات الشعورية، وقدرته على استيعاب اشكال نثرية وفنون ابداعية كثيرة، ومن المؤلفات الجميلة التي تدلل على ذلك كتاب (قصائد اعجبتني)، الذي نجد بأن مؤلفه الدكتور غازي القصيبي قد تحدث بحسه الشعري المرهف عن عدد من القصائد، ووصف كل واحدة منها بوصف يرى بأنه يتناسب مع مضمونها، فهناك (القصيدة المسرحية)، و(القصيدة الرواية)، و(القصيدة الفلم)، و(القصيدة السيمفونية)..!.