@@ أشك تماماً.. في مبدأ قبول الرئيس الأمريكي المنتخب (باراك أوباما) حضور قمة الدول العشرين المقرر عقدها في البيت الأبيض في واشنطن ( 15نوفمبر) الحالي لمناقشة الأزمة المالية الاقتصادية الراهنة كما يحاول ذلك ويريده الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش.. @@ وترجع عدم مشاركة أوباما في هذه القمة المهمة للأسباب التالية: @@ أولاً: رؤيته المختلفة.. تجاه القضايا التي تعاني منها بلاده وكذلك دول العالم الأخرى وفي مقدمتها الهمّ الاقتصادي.. وبالتالي عدم استعداده للمشاركة في قمة كهذه.. لايتوقع لها ان تتخذ قرارات (خلاقة) و(جذرية) كما يريد هو وفريق عمله الاقتصادي الذي باشر اجتماعاته المركزة لوضع السياسات (المبتكرة) و(المؤثرة) تجسيداً لتوجهه نحو التغيير الشامل. @@ ثانياً: ان إدارته القادمة لاتريد الالتزام بأي مقررات يوقع عليها الرئيس الأمريكي الحالي وادارته القائمة.. لأن أي قرارات تتخذها هذه القمة تجيء في وقت ترزح فيه بلاده تحت وطأة ازمة خانقة جراء الاخطاء الفادحة التي ارتكبتها ادارة بوش وجعلتها تقبل بسلسلة من الاجراءات والحلول والمعالجات التي لا تتفق مع المنهج الذي تتجه اليه ادارة أوباما.. وتريد معه استرداد الهيبة الأمريكية المفقودة.. قبل الدخول في اي شراكات دولية خارجية.. من اي نوع كان.. @@ ثالثاً: أن (أوباما) محتاج الى وقت كافٍ لدراسة كافة الملفات عن الاوضاع التي تعيشها بلاده وتحياها الاسرة الدولية بعمق وبمعزل عن الضغوط والمؤثرات المختلفة، وقريباً من العمل الذي اعتاد عليه.. وجاء على اثره الى سدة الرئاسة.. وبما يمكنه من تحقيق منهج التغيير لأمريكا والعالم بهدوء.. وبتراتبية محكمة.. ووفق أولويات مدروسة.. وبأناة كافية.. لاسيما وانه ليس امامه سوى شهرين وبضعة ايام لتسلم مقاليد السلطة في 20يناير 2009م.. وهي فترة قصيرة، هو احوج ما يكون الى استثمارها بشكل متقن لترتيب أموره.. وبلورة سياساته.. وتسيير عمل ادارته بقوة وبفعالية وبسرعة كافية.. @@ ذلك ان فترة الرئاسة الأولى (اربع سنوات) غير كافية، كما اعلن في اول خطاب له، لمواجهة جميع المشكلات الراهنة وتحقيق اجندته الطموحة وإحداث التغيير المطلوب بالجودة المأمولة.. @@ فإذا أضفنا الى ذلك.. ان الرئيس الأمريكي الجديد لم يؤد القسم الدستوري بعد.. وأنه لن تكون له صفة اعتبارية تليق برئيس قادم للبيت الأبيض.. يحضر قمة كهذه على هامش وفد أمريكي رسمي.. فضلاً عن انه لايرغب في ان يرتبط لقاؤه بزعماء العالم المشاركين في القمة تحت مظلة الرئاسة الحالية.. وتحديداً تحت مظلة سياسات بوش التي يعترض عليها أصلاً.. ويرى انها السبب وراء متاعب بلاده، فإن هذه العوامل مجتمعة ستحول دون قبوله بالدعوة.. ومشاركته في القمة.. كما يبدو لي.. @@ الاحتمال الوحيد الذي قد يجعل (أوباما) يقبل بمدأ المشاركة هو رغبته في إيصال رؤيته الخلاقة للزعماء المجتمعين في البيت الأبيض مباشرة لحملهم على مشاركته فيها.. والتعامل مع القضايا المطروحة بصورة مغايرة لما هو سائد.. وقائم.. ومقترح حتى الآن.. @@ لكن هذا الاحتمال ضعيف.. ولايرقى الى المستوى الذي يدفعه الى تجاهل الاسباب والعوامل السابقة.. وفي مقدمتها.. رؤيته المختلفة وحرصه على ان يدفع العالم الى التفكير بصورة غير مألوفة في واقعه المأزوم.. وصولاً الى عالم جديد.. تحكمه قوة دفع هائلة لإحداث التغيير التاريخي المأمول.. وانقاذ الاجيال القادمة من مصير مظلم بدت ملامحه تظهر في الافق.. وجاء هو - بارادة شعبه - ليحول مسار التاريخ.. ويجعل بلاده اكثر اماناً وطمأنينة.. وبالذات بعد ان باشر مهامه مبكراً بالاتصال بعدد من الزعماء وتبادل الرأي معهم حول المسائل المعطلة لنمو المجتمعات وتقدم ورخاء البشرية. @@ ان هذا النمط (الحالم) من التفكير التغييري حين يجيء في هذا الوقت، فإنه إنما يأتي ليعبر عن ضيق الشعب الأمريكي وشعوب الارض بالحالة اليائسة التي انتهت اليها.. في ظل السياسات العقيمة.. والمفاسد الضخمة.. والأخطار الفادحة.. التي تتعرض لها مجتمعاتها.. @@ وما اختيار الشعب الامريكي لهذا الاسود.. لهذا الانسان الظاهرة.. الا.. لأنه يُجسّد بذلك حالة اليأس والاحباط والخوف التي تحياها الولاياتالمتحدة.. ويتأثر بها العالم.. @@ فإذا كان الشعب الامريكي قد وصل الى هذا الحد من اليأس.. وهو يعيش في البلد الأول.. والأقوى والأوحد في هذا العصر.. فما بالنا بحال بقية دول العالم ولاسيما المتخلفة منها.. وشعوبها التعيسة.؟ @@ إن ماحدث ويحدث في امريكا الآن، يحمل في طياته مواصفات "انقلاب" مزلزل من شأنه ان يشمل دول العالم ومجتمعاته.. ويحرك فيه كوامن ساكنة.. وطاقات هائلة مخبوءة.. @@ لكن أحداً لايستطيع ان يتوقع بصورة قطعية.. إن كان التغيير القادم سيكون لخير العالم.. ام لهز بقايا اركانه وثوابته وتدميره..؟ @@ وإن كان الأمل يظل كبيراً في أن يحدث ما نتمناه ونرجوه ونسعد به.. @@@ ضمير مستتر: @@ (العظماء يصنعون التاريخ.. أما التافهون فإن التاريخ هو الذي يصنعهم).