كل شيء في أمريكا مثير وجدلي لأنها دولة التغيير السريع، والقبول الأوفر لأي نشاط علمي وحضاري وانتخابات اليوم، ربما تكون انقلاباً، أو احتفاظاً بخطها العام المحافظ، لكنها أمام مرشحيء الرئاسة تحتاج إلى زعيم يواجه الوضع الداخلي السياسي والاقتصادي والخلل في موازين القوى العالمية عندما اكتشف العالم أن رحلة المال المتنقل لآسيا سوف يغير معالم كثيرة، ومع ذلك تبقى أمريكا القوة العظمى، ولكنها ليست المدير العام لإدارة شؤون العالم.. فهي تحتاج إلى تطمين مواطنيها في طرح الأسئلة الصعبة على قياداتها، وتريد زعيماً يعيد لها سمعتها الخارجية التي جعلتها في نظر الآخرين دولة حرب وكبرياء، وزعامة لتطرف اليمين الذي يريد ارتهان الكون لها، وهذه المرحلة سوف تجبر أي فائز بالرئاسة لأن يزن خطواته بدقة متناهية، لأن دافعي الضرائب سوف يتساءلون عن كل دولار يُهدر بالحروب وصناعتها وستكون المواجهة حادة في بلد تعرّض لأكبر هزة اقتصادية أعادته إلى النقطة الحرجة. من يكتب عن الانتخابات الأمريكية فلن يضيف أي شيء عما طرحته وسائل الإعلام ومراكز البحوث والنشر، والمهتمون بهذه الوقائع وتطورها، لكن إذا كان أوباما العائد من قاع المجتمع إلى البيت الأبيض لم يكن يحلم أن يفسخ عقد العبودية إلى الرئاسة، فإنه الاحتمال لأن يكون البديل الموضوعي باعتباره من جيل يصنف على جيل التحولات الكبيرة في نظرته للعالم المحيط به والخارجي، لكن المفاجآت قد تعاكسه سواء حدثت مأساة باغتياله، أو تحول الصامتون والمحايدون في اللحظات الأخيرة إلى غريمه ماكين، وفي كل الأحوال فالعالم الذي يراقب الحدث ولا يستطيع المساهمة فيه بشكل مباشر قسّم الاتجاهات إلى غرب أبيض يستريب بالعائد من الجذور الأفريقية السوداء، وهي بقايا عقدة النقص في تواريخ الشعوب التي هيمنت على معظم دول الكرة الأرضية.. وهناك بيض يذهبون في الاتجاه الآخر، لأنهم يريدون رؤية تغيير بحجم دولة عظمى يؤسّس لمرحلة قادمة، قائمة على صدق التعامل مع التحولات الكونية، ويبقى ماكين رمزاً للاتجاهات التقليدية والمحافظة، ولكي لا نذهب في عواطفنا لمن يكون الترشيح فالأمرمعلق على رغبة الناخب الأمريكي الذي يعتبر مرجع القضية وصانعها.. أحوال المنطقة العربية قد لا تتغير بوصول أي من طرفيء الترشيح، لأننا في منزلة دنيا من الاهتمامات وإن كنا في قلب الصراع سواء بقضايا العراق وفلسطين أوسواها كالإرهاب وغيره، ومع أن المعادلات قد تتغير من خلال تصاعد أو انخفاض أسعار النفط، وجدية المواقف في حل عقد الخلافات العربية والإقليمية، فقد يبقى معظم هذه المشاكل إلى ما بعد ترسيخ المرشح وتعرّفه على السياسات الداخلية والخارجية.. الحدث كبير بوزن الدولة العظمى، وطالما الأهداف التي يتطلع لها المواطن الأمريكي هي الفصل بين الرغبة، والإرادة، فقد تسجل الاحتمالات ما يكون مفاجئاً للجميع.