تعلمنا ونحن صغار أن من جد وجد و أن كل من سار على الدرب وصل... ثم كشفت لنا الحياة أنه ليست تلك الحكم على إطلاقها وثبت لنا أن ليس لكل مجتهد نصيب وأن الجد والتعب قد لا يثمران سوى هدر الطاقة وإضاعة الوقت ؛ لا سيما في زمن يعمل فيه فيتامين واو كل ما يمكن أن تفعله الفيتامينات والمعادن الأخرى الثقيلة والخفيفة !! تعلمنا في الصغر أن الطموح والمثابرة والتخطيط المسبق لا تأتي إلا بالنجاح.. ولكن سرعان ما تفتحت أذهاننا على فشل كل مخططاتنا وطموحاتنا بمجرد.. تغير المناخ وتبدل الطقس...!! تعلمنا في الصغر أن من يكد ويتعب في بداية حياته لابد وأن يضمن الراحة في آخرها وأنه على قدر التعب تأتي النتائج .. فاكتشفنا أن التعاسة والسعادة تكادان تولدان مع الإنسان وتنموان مع سلوكياته وأفكاره... رأينا بأعيننا فئة كبيرة من الناس تعيش في سعادة وراحة رغم إهمالها لما يسمى بالكد والتعب..!! تبتهج في ظل صغائر الملذات وتسعد مع إشراقة كل شمس،، تنام قريرة العين.. مرتاحة البال،، وآخرون يكابدون نهارهم بقلق ليلهم ؛ يركضون خلف أحلامهم فيقضون قبل أن يصلوا وقد يستسلموا قبيل جريهم....!! قرأنا كثيراً واستسلمنا بأن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن.. بعدها بعمر طويل نلنا من علوم قانون الجذب ما يكفي لأن نودع تلك المقولة التي تسير بنا عكس ما نريد وغير ما ننوي ونعزم.. تعلمنا أن نستجير من المستحيل ونتنحى جانباً عن كل ذي صعب عسير.. فاكتشفنا بعد حين.. أن المقاييس التي نميز بها بين الممكن والمستحيل ؛ هي مجرد أمور نسبية تعود جذورها إلى الموروثات الاجتماعية التي تقبع داخل مفاهيم متناقضة تحت وطأة قناعات أثرية بالية لا تسمن ولا تغني من جوع.. ألستم معي أن هناك سراً آخر للسعادة وطرقا سحرية قد تكون غامضة من أجل الوصول للغايات التي لا يمكن أن تخضع لحكم أو أمثلة أو أي قناعات ثابتة - سوى الله عز وجل - وأن كل شيء متغير.. مختلف.. متجدد.. قد تندرج تحته كل ما عرفنا وما سنعرف من مفاهيم وما نعتقده من البديهات..؟؟ لعله من المدهش أن نرى الجيل الجديد يصل إلى هذه النتائج قبل أن نصل إليها نحن رغم أننا يفترض أننا بالنسبة لهم أصحاب التجارب و الخبرات... !! لذلك قد نرى أنفسنا لا نملك أمام هؤلاء الأبناء الذين يشهدون عصراً مختلفاً ومعطيات مختلفة عما عشناها مع الآباء إلا أن نتقبل وجهات نظرهم وآراءهم واحتياجاتهم مهما اختلفت.. علينا أن نتفهم تبدل الأحوال وتغير الآمال.. فنعم لكل جديد لا يمس الدين والعقيدة