اعتنت الدولة أيدها الله بالمواطن واهتمت بصحته وتعليمه بشكل خاص منذ تأسيسها على يد موحد الأرض والإنسان الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وكانت ولا تزال مخصصات ميزانية وزارة الصحة هي الأضخم على وجه الإطلاق بين كافة قطاعات الوطن، ولعل السنوات الأخيرة قد شهدت نقلات في حجم الميزانية المخصصة لوزارة الصحة فقد بلغت عام 2006ميلادية أكثر من تسعة وثلاثين مليارا بينما ارتفع الرقم في عامي 2007و 2008للميلاد ليتجاوز الأربعة وأربعين مليار ريال وهو رقم ضخم يستحق الإشادة بالفعل من قبل المواطن والمقيم بما تعطيه الدولة أيدها الله لهذا القطاع الحيوي من دعم ومساندة، لكن السؤال المهم يتمثل في مدى تحقق تطلعات الحكومة من خلال تخصيص هذه المبالغ الضخمة للقطاع الصحي!! @ والمتابع لما ينشر في الإعلام المحلي وكذلك أحاديث الناس ومن يمر بتجربة الحاجة للقطاع الصحي الحكومي "بالذات" يعتقد أن إدارة هذه الميزانيات تتبخر تاركة وراءها العديد من التساؤلات التي تشير إلى أن هناك خللاً ما يسود عملية الخدمات الصحية بالوطن العزيز. @ وعلى الرغم من الثقة التامة بالجهود المخلصة التي بذلها ولا يزال يبذلها مسؤولو وزارة الصحة وعلى رأسهم أصحاب المعالي الوزراء الذين تعاقبوا على حقيبة صحة المواطن والمقيم ووكلاء الوزارة إلا أن الخدمة لا تزال تئن!! والاستياء منها في تزايد، فمن أخطاء طبية قاتلة إلى نقص في الأدوية ببعض المناطق مرورا بإحراق لأدوية منتهية الصلاحية قبل الحاجة لها في مناطق أخرى بينما يعاني المرضى بمنطقة أخرى من نقصها وربما يستدين بعضهم لتأمينها لمرضاه وصولا إلى قوائم انتظار كبيرة للحصول على فرصة للعلاج ببعض مستشفيات الوطن وأشياء أخرى لا يمكن السكوت عنها ويتطلب بإلحاح النظر في معالجاتها. @ وفي هذا الخصوص أتذكر سوء خدمة الاتصالات وصعوبة الحصول عليها وارتفاعها الفاحش عندما كانت قطاعا حكوميا بحتا وهو ما تغير (100%) عندما تم إلغاء وزارة البرق والبريد والهاتف من خلال تخصيص قطاع الاتصالات ثم تطورت الخدمة أكثر وانخفضت تكاليفها وتيسر الحصول عليها عندما تم تحرير القطاع بالكامل ومنع احتكاره.. مثل هذه التجربة الرائدة قد تجعلنا نطالب أو نقترح دراسة تطبيقها على القطاع الصحي الوطني. @ وبعملية حسابية بسيطة (عدد سكان المملكة من السعوديين في حدود 18مليون نسمة منهم ما لا يقل عن 5ملايين نسمة يعملون في قطاعات تمنحهم تغطيات تأمينية شاملة "قطاعات خاصة أو خيرية" ويبلغ متوسط تكاليف بطاقة التأمين الصحية المميزة ( 1500ريال) يتضح أننا لو منحنا كافة المواطنين تغطيات تأمينية صحية مميزة فإن الفاتورة السنوية لذلك لن تكلف الدولة عُشر ميزانية وزارة الصحة الحالية وسيكون بإمكان المواطن الاختيار بين مقدمي الخدمات الصحية من القطاع الخاص الذي سيتوسع بشكل كبير مما سيوجد نموا اقتصاديا وفرصا وظيفية ضخمة خاصة إذا تولت الدولة المستشفيات التخصصية فقط وقامت بتخصيص كافة المراكز الصحية والمستشفيات الحالية كما سيتنافس القطاع الخاص للظفر بالمواطن من خلال الحرص على تقديم خدمة مميزة وتعامل أميز. @ فهل يمكن دراسة مقترح لتخصيص الخدمات الصحية يشمل التالي: - إلغاء وزارة الصحة وتحويلها إلى هيئة صحية (كما حدث مع وزارة البرق والبريد والهاتف) تعنى بمراقبة جودة الأداء الصحي وتشغيل وإدارة المستشفيات التخصصية الكبرى بالوطن. - تخصيص كافة المراكز الصحية والمستشفيات الكبرى من خلال تحويلها لشركة صحية وطنية يكتتب بها المواطن وتساهم فيها الدولة من خلال الأصول والموجودات الخاصة بوزارة الصحة حاليا. - منح الشركة الوطنية الصحية حق الاستفادة من كافة الأراضي المخصصة لمرافق صحية داخل المخططات السكنية بمدن المملكة وتكليفها بالعمل العاجل على تشييدها وتقديم الخدمة الصحية. - تأمين الدولة تغطيات تأمينية صحية لكافة المواطنين غير المشمولين بتأمين صحي من قبل جهات أعمالهم. @ أتصور أننا بهذا سنوفر خدمة صحية أفضل مع نمو اقتصادي وخدماتي للقطاع الصحي الخاص والاستفادة من فوائض مخصصات وزارة الصحة لما يمكن أن يساهم في التطوير والتوسع في الخدمات الصحية بالوطن العزيز. @ فهل يمكن دراسة مثل هذا المقترح.. وهل يمكن للمجلس الاقتصادي الأعلى بحث مثل هذه التوجهات التي يمكن أن تساهم في تطوير وضعنا الصحي؟