طالب خبراء في التأمين الصحي عدم التسرع في تطبيق التأمين الصحي على المواطنين في الوقت الحالي واستبعاد خيار التأمين التجاري من النماذج المقترحة والاستفادة من مشاكل التطبيق لدى الدول المتقدمة والعالمية التي طبقت التأمين الصحي على مواطنيها. فيما أكد وزير الصحة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة على عدم تحميل المواطن أي أعباء مادية عند تطبيق أي شكل من أشكال التأمين الصحي، وشدد الربيعة على أن تطبيق التأمين الصحي التعاوني يجب أن يدرس بشكل مستفيض قبل تطبيقه على المواطنين السعوديين وأن يتم تطوير البنية التحتية للقطاع الصحي من توزيع الخدمات والربط الإلكتروني كذلك التمويل المالي مما يسهم في صناعة سوق تأميني مميز ولفت الربيعة إلى أن الهدف من التأمين الصحي تجويد الخدمة الصحية للمواطن وأن تقدم الخدمة في أي وقت وبأي مكان وأضاف معاليه في تصريح صحفي عقب افتتاح مؤتمر التأمين الصحي 2011 «خيارات وآفاق» أن الوزارة تعمل على التوزيع العادل للخدمات الصحية والعلاجية في كافة مناطق المملكة منوها بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين والنائب الثاني - حفظهم الله - تولي القطاع الصحي جل اهتمامها وعنايتها من أجل تقديم رعاية صحية عالية الجودة حيث لا يتحمل المواطن الكريم فيها أي كلفة أو عناء البحث عنها، لافتاً إلى أن المخصصات التي يتم إدراجها ضمن ميزانية الدولة لقطاع وزارة الصحة إلا شاهد على مدى تلك العناية والاهتمام، مشيراً إلى أن توجيه خادم الحرمين الشريفين ببناء خمس مدن طبية عالمية تخدم مناطق المملكة يعد تأكيداً لهذا التوجيه الكريم لافتا إلى أن الوزارة سعت لعقد هذا المؤتمر إيماناً منها بالدور الفاعل الذي تقوم به المؤسسات التي تعنى بالتأمين الصحي في المجتمع، حيث ستتناول محاور المؤتمر دراسة النظم والتجارب العالمية لتمويل وتشغيل القطاع الصحي بطريقة اقتصادية ذات جدوى وكفاءة عالمية مع الوضع في الاعتبار الاستفادة من السلبيات التي تمر بها العديد من دول العالم. وبين الربيعة أنه يجب تحديد مفهوم التأمين والهدف من تطبيقه والنتائج المرجوة منه، كما يجب أن نميز بين التأمين الصحي التجاري والتأمين الصحي التعاوني، وأن مفهوم التأمين ليس بالضرورة أن يرتبط بخصخصة القطاع الصحي، مؤكداً أن الوزارة تستفيد من تجارب الدول المتقدمة التي سبقتها في هذا المجال، وما تعانيه من تحديات ومشكلات جراء تطبيق التأمين الصحي التجاري، وخصخصة القطاع الصحي، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية لأرقام أثقلت كاهل المؤسسات والشركات العاملة في تنمية المجتمع بل وتعدتها إلى مواطني تلك الدول كما أنها لم توفر الغطاء الصحي الشامل الذي يتطلع إليه الفرد والمجتمع. وأشار الربيعة أن أوجه تمويل القطاع الصحي تتعدد وتختلف من دولة لأخرى ولكنها جميعاً تتفق في أن الرعاية الصحية أصبحت ذات كلفة عالية حيث تنفق الدول عليها جزءاً كبيراً من مواردها نظراً لأهميتها، كما اتخذت بعض الدول من التأمين الصحي التعاوني أحد أوجه التمويل للرعاية الصحية وتم ربط ذلك بالجودة والإنتاجية للحد من الهدر مع الاستفادة من الموارد المتاحة، مبيناً أن الهدف الأساسي من الأخذ بفكرة التأمين الصحي التعاوني في وطننا الحبيب هو تطوير وتنمية القطاع الصحي ورفع جودته والحد من الهدر والازدواجية بشرط أن يتم ذلك بطريقة تكافلية تستمد من ديننا الحنيف ومجتمعنا نهجها وهدفها دون إرهاق للمواطنين أو ترتيب أعباء خلقت سلبيات في العديد من الدول مما أثقل كاهل مواطنيها. وأوضح أن التجارب العالمية أثبتت أن التأمين الصحي لا يعني جودة أو توفير الخدمات الصحية، وأنه من الخطأ ربط أحدهما بالآخر كما أن تلك التجارب أوضحت أن تطور الخدمات الصحية مرتبط بإيجاد أنظمة للممارسة والجودة والإنتاجية والسلامة والتطوير وربط مخرجات هذه البرامج بالتمويل الذي تتعدد أساليبه، لافتاً إلى أنه من الواجب على الجميع أن نجعل المواطن الكريم هدفنا وغايتنا كما هو نهج الوزارة، وأن لا نتعجل بنقل بعض التجارب التي لم تثبت جودتها ونجاحها إلى مجتمعنا فتصبح عبئاً كبيراً على خدماتنا الصحية المتعددة وتزيد من معاناة المواطن وبالتالي لا نحقق بذلك رضى الله ثم توجيهات قيادتنا الحكيمة وتطلعات المستفيدين مما يقدم لهم من هذه الخدمات. وقال الربيعة «لا يخفي على الجميع أن التأمين التجاري قد لا يحقق سقفاً مفتوحاً للرعاية الصحية أو شمولية أو تنوع التغطية أو سرعة في الحصول على الخدمات، وقد بينت الدراسات الأولية التي اطلعت عليها وزارة الصحة أن التأمين الصحي التجاري يؤدي إلى رفع تكلفة الخدمات الصحية كما هو حاصل في تجارب الدول المتقدمة وقد يشكل عبئاً إضافياً على الدولة والمواطن، لافتاً إلى أن تجربة المملكة العربية السعودية مع التأمين الصحي التجاري ما زالت حديثة ومحفوفة بالكثير من التحديات والمصاعب التي يجب أن نتأنى في دراستها والتعامل معها قبل التوسع فيها. واستطرد الربيعة إلى أن الوزارة سعت إلى تنظيم هذا المؤتمر إيماناً منها بأهميته وتمشياً مع حرص القيادة الحكيمة على إعطاء هذا الموضوع الدراسة الكافية والمتأنية للوصول إلى توصيات يمكن تحقيقها على أرض الواقع من خلال تطبيق أنظمة وبرامج تؤدي إلى رعاية صحية متكاملة وشاملة ذات جودة عالية ومردود اقتصادي جيد وسوف يكون هذا المؤتمر نقطة البداية لدراسة شاملة يتم من خلالها عقد ندوات وورش عمل مستفيدين في ذلك من التجارب العالمية والتطبيقات الحديثة بالتعاون مع الخبرات الوطنية والعالمية والجهات ذات العلاقة، مبيناً أن الوزارة تؤكد أن ذلك لن يوقف عجلة البناء والتطوير الذي تشهده أروقة الوزارة في كافة مرافقها وتشمل كل مناطق المملكة. واختتم الربيعة كلمته بتقديم الشكر للمتحدثين والمشاركين من الخبراء المحليين والعالميين، بعد ذلك تم قام معالي وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة بفتح باب النقاش مع الحضور وفي مداخلة للدكتور عثمان بن عبد العزيز الربيعة وكيل وزارة الصحة الأسبق نبه إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول، السباقة في مجال التأمين الصحي والتعرف على المعوقات والحلول خلال فترات تطبيقهم لبرنامج التأمين الصحي مشددا على أهمية تطبيق التأمين الصحي كرافد وبديل للتمويل الخدمات الصحية والتي ترهق ميزانيات جميل الدول العالمية دون استثناء وأشار الربيعة إلى وجود العديد من أشكال التأمين المطبقة في جميع الدول والتي تتناسب مع الثقافة والسياسة الاقتصادية والوضع الحي لكل منهم. ومن جانبه طالب معالي الفريق محمد الهنيدي رئيس جمعية المتقاعدين بتحديد جدول زمني لتطبيق التأمين الصحي على المتقاعدين منوها أن الجدول الزمني سينظم العمل ويسهم في عملية الإسراع لإيجاد بيئة تأمينية مستقرة. ولفت استشاري الإدارة الصحية الدكتور رضا خليل إلى ضرورة التأني والتوقف عند تجارب الدول المطبقة للتأمين الصحي لبحث عملية تحمل رسوم التأمين وتحمل دفع فاتورة المطالبات للخدمات الصحية محذرا من خصخصة المستشفيات الحكومية على اعتبار أن الخصخصة حساسة جدا على اعتبار أن التجارب التي خصخصت القطاعات الصحية الحكومية تعاني من العديد من الإشكالات الجذرية جراء تلك الخصخصة إضافة إلى البنية التحتية للقطاع الصحي غير مهيأ لتطبيق التأمين الصحي والتي تحتاج إلى جهود كبيرة وميزانيات ضخمة. وطرح استشاري طب الأسرة الدكتور محمد البار تساؤلا عن أسباب رفض الشركات للتأمين على كبار السن ممن هم فوق 65 عاما وعلق على هذا المؤتمر بأنه ليس من الحكمة أن ندرس ونفاضل بين برامج التأمين وغيرنا من الدول سباقا في تحديد النماذج الأفضل والتي نجحت في إيجاد نظام تأميني فعال قادر على تقديم خدمات صحية للمؤمن لهم بمستويات جيدة فيما أجاب على هذا الاستفسار الأمين العام لمجلس الضمان الصحي التعاوني الدكتور عبد الله بن إبراهيم الشريف بأن منافع بوليصة التأمين تم مراجعتها وتطويرها وأصبحت أفضل مما كانت عليه وأصبحت تشمل كافة كبار السن ممن هم على رأس العمل وأشار إلى أن مجلس الضمان الصحي التعاوني خاطب مركز المعلومات الوطني حيال عدد كبار السن العاملين بالقطاع الخاص فاتضح أنهم لا يتجاوزون 19 ألفا ممن أعمارهم 65 عاما وعن جود دراسة حول مستوى رضا المؤمن لهم قال الشريف إن هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى تفاوت بين مستوى الرضى وأن هذه الدراسات لا يمكن الاعتماد عليها كونها لم تشمل كافة شرائح المستفيدين من التأمين الصحي ممن يستهدفهم نضام الضمان الصحي التعاوني أن يثروا هذا المؤتمر بتجاربهم، متمنياً للمؤتمر الوصول إلى توصيات هادفة وشاملة تفيد الوطن والمواطن وأن يكون ذا فائدة وأن يصل من خلالها إلى صياغة توصيات تعكس مفهوم الهدف من التأمين الصحي التعاوني. بعد ذلك قام معالي وزير الصحة بتكريم المشاركين وتقديم الدروع التذكارية لهم ومن ثم افتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر وسط مشاركة 140 شركة ومنشأة متخصصة بالقطاع الصحي.