لو حدث أن أخفقتَ - لا قدر الله - في بلوغ هدفك وضاعت عليك فرصة ثمينة كنت تؤمل وترجو وتعلل النفس بأن تحصل عليها فتذكر أن غيرك قد أضاع وأهدر مئات بل وآلاف الفرص النفيسة والذهبية بل وربما الألماسية ثم تذكر أنها لن تكون آخر الفرص وأن الحياة مليئة بما هو أنفس وأغلى منها.. فلا تبتئس ولا تيأس ولا يداخلك الإحباط وتسود الدنيا في عينيك.. وتضيق ذرعا بمن حولك.. تخلص من الأفكار السلبية ثم انهض لمواصلة المسيرة مرة أخرى. فتوماس أديسون كان قد تمكن من تحقيق النجاح الباهر باختراع المصباح الكهربائي الذي أذهل العالم وخدم البشرية بعد أن فشل في سبعة آلاف محاولة.. وكان قبلها قد طرد من المدرسة غداة اتهام أحد معلميه له بالغباء المركب.. وبالتالي إقرار الهيئة المدرسية بعدم جدوى استمراره تلميذا في المدرسة. ولو أصبت بمرض عارض فلا تضجر وتكثر الشكوى والتذمر والسخط لأنك لو تذكرت أن هناك الآلاف من الناس والذين يرقدون على الأسرّة البيضاء منذ سنوات طويلة يعانون من الأمراض المزمنة.. ومنهم من يعيش على المغذيات والتنفس الصناعي.. وآخرون يعيشون بأجسادهم فقط.. ناهيك عمن يعانون من التشوهات أو العاهات الخلقية.. ولو قارنت إصابتك العارضة بما يعانيه هؤلاء ستجد أنها لا شيء.. أو قطرة في بحر لانهاية له.. وبالتالي فالدهر يومان يوم لك ويوم عليك. ولو خسرت في سوق الأسهم.. أو في قطعة أرض عشرة آلاف ريال فتذكر أن غيرك قد خسر الملايين.. ولو كنت في منصب أو مركز مرموق وتريد الوصول إلى ما هو أعلى دون جدوى فتذكر أن هناك الآلاف من العاطلين.. ومن يحلمون بالحصول على وظيفة.. أو من جمد في وظيفته ومرتبته لسنوات طوال. لو داخلك الغرور وشعرت للحظة بالزهو والكبر نتيجة لقوتك وسلطتك ومركزك أو جاهك أو مالك.. أو علمك وذكائك وثقافتك.. بل وعبقريتك فتذكر أن هناك من هو أشد قوة منك وأكثر علماً وثقافة وذكاء ومالاً حينها ستضع نفسك في حجمها الطبيعي والحقيقي فلا تغتر على غيرك.. ولا تظلم إمكاناتك وقدراتك وبالتالي نفسك فتحمّلها ما لا تطيق. ولو حدث أن رزقك الله بأولاد وأنت تتمنى البنات أو العكس فتذكر أن هناك من يتمنى أن يرزق بولد أوبنت ولوكان بالتبني لأنه قد حرم من هذه النعمة.. ولو حدث أن حرمت من الأبناء فتذكرأنك قد تتمتع بميزات لاتتوافرلمن لديه أبناء.. مثل الزوجة أو الزوج الصالح .. أوسعة الرزق.. أو المكانة الاجتماعية ومحبة الناس وقد يسخرالله لك من يخدمك ومن هو أفضل من الأولاد. تذكر أن الدنيا مليئة بآلاف الجوعى والمرضى.. والمنكسرين والمعدمين.. ومن حرموا لذة النوم أو الأمن.. أو الصحة والعافية وراحة البال.. أو نعمة العقل.. .الخ ثم تذكر نفسك وأنت لا تعاني من معظم تلك المشكلات وأنك تتمتع بالصحة والعافية والأمن والأمان والعقل وسلامة الفكر وعندها عليك أن تعرف بأنك في نعم عظيمة لاتقدر بالمال.. ولا توزن بموازين الذهب والألماس. لوحدث أي أمر فعليك فقط أن تتذكر من يعاني أكثر منك ثم ترضى بما حدث. ليست هذه دعوة للقناعة ولكنها وصفة للتعامل الواقعي مع ظروف الحياة والتي لا نستطيع في كثير من المواقف السيطرة عليها بقدر ما نملك التفكر والتدبر ثم محاولة التعديل والتغيير إن استطعنا إلى ذلك سبيلا.