الحمد لله الذي لا راد لقضائه ولا معقّب لحكمه.. إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا أبا عبدالرحمن لمحزونون.. اللهم أجرنا في مصيبتنا.. واربط على قلوبنا.. وأرزقنا الرضا بالقضاء.. أخي حمد.. طبت حياً وميتاً.. طبت أخاً وابناً وأباً وصديقاً.. أخي حمد.. ما عرفت أطيب قلباً منك.. ليست هذه شهادتي أنا فقط.. بل هي شهادة كل من عزّى أو عُزي فيك.. وهذا ما جعلك الأقرب لنا جميعاً.. والأقرب قبل ذلك لوالديك رحمك ورحمهما الله.. ثم كنت أولنا لحاقاً بهما.. وكأنك تعبر عن قدر محبتك لهما.. والدانا يا أخي حمد لم يُظهرا يوماً التمييز بيننا.. لكننا نحس انك دائماً الأفضل.. وقد كنت كذلك فعلاً.. لخلقك.. لطيبتك.. لسماحتك.. لسرعة استجابتك.. حتى إنني أظن أنك لا تعرف كيف تقول لا.. أو أنك لا تستطيع أن تقولها.. لأن قلبك لا يرضى.. كنا نرى رحمتك بأولادك.. حتى نشفق عليك وعلى أعصابك.. لكنك تتلذذ برحمتك لهم.. كنا نرى نجدتك لكل محتاج لخدمة.. وعلى رأسهم والدانا رحمهما الله.. كثيراً ما كانت والدتنا رحمها الله تقول: جاء حمد.. وفعل حمد.. وأنجز حمد.. بل في مرضها الأخير كنتَ أكثر ملازمة لها منا ومعك أولادك.. نعم أولادك المحبوبون من الجميع.. فقد كانوا مثلك.. أصدقاء للجميع.. بينما نحن نعتذر بمشاغل الدنيا التي لا تنتهي.. وكأننا نحن فقط الذين لدينا مشاغل.. أخي حمد.. رغم أنك تجاوزت الأربعين بأربع سنوات.. إلا انك تعامل الكل بما يناسبهم.. فأنت الرجل مع الرجال.. وأنت المحب للأطفال.. وأنت المنظم لأنشطة الشباب.. لم نسمع منك يوماً كلمة نابية.. ولا صوتاً مرتفعاً.. وكأنك خُلقت لترينا الصبر.. وسعة البال.. أسمع أخبارك في مدرستك فيسرني أنك أب لكل الأطفال.. كما لو أنك في بيتك.. بل حتى زملاؤك كانت فجيعتهم بفقدك كفجيعتنا.. لم يكن يتصور أحدهم ان يفقد هذا الرجل اللطيف الذي لم يجرح أحداً بكلمة.. ولم يُغضب أحداً بتصرف.. كنتَ أخي حمد ولازلت مثال الحب والعطف والرحمة واللين.. فرحمك الله يا أبا عبدالرحمن رحمة واسعة.. وأسكنك فردوسه الأعلى.. وجمعنا بك ووالدينا وأحبابنا في مستقر رحمته.. ومنّ على زوجك وذريتك بالصلاح والتقى والصبر.. آمين (وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)..