تبذل جهود دولية مكثفة بهدف إنقاذ النظام المالي العالمي من الانهيار، وجاءت أولى هذه الجهود بعقد قمة ثلاثية تجمع بين الرئيس الأمريكي جورج بوش والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو في منتجع كامب ديفيد وأعلنوا عن عزمهم في عقد سلسلة من القمم الدولية لبحث سبل اصلاح أسواق المال العالمية تجنبا لمواجهة كارثة مالية دولية. تبدأ سلسلة القمم العالمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد يوم الثلاثاء 4نوفمبر من عامنا الحالي 2008م الذي تتضح عنده نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية، وتطالب واشنطون استضافة الأممالمتحدة لهذه القمة على أن يشارك في هذه القمة الثماني دول الصناعية الكبرى مع الصين والهند وغيرها من دول العالم لأن هذه القمة ستركز على التقدم الذي تحقق في مواجهة الأزمة المالية الراهنة وما ترتب على ذلك من اتفاق على سلسلة من المبادئ والقيم الأساسية اللازمة لاصلاح سوق المال ومواصلة العمل الذي يؤدي إلى تجنب تكرار المشاكل التي تعترضها في الوقت الحاضر واتخاذ الخطوات التي تضمن ازدهار أسواق المال في المستقبل، وهو تفاؤل في غير محله لأن الأسواق العالمية تعاني من الأزمة المالية التي سببتها الولاياتالمتحدةالأمريكية نتيجة سياساتها المالية الخاطئة، وأدوارها العسكرية غير المبررة في أفغانستان والعراق وكانت سبباً في تخلف المرشح الجمهوري جون ماكين عن منافسه المرشح الديمقراطي باراك أوباما الذي أعلن حتمية الحوار لحل الأزمات العالمية متناقضاً مع جون ماكين الذي أكد بأنه سيواصل سياسة جورج بوش فوق المسرح السياسي العالمي بمواصلة الحرب في أفغانستان والعراق وغيرهما من الدول اذا اقتضى الأمر إرسال أمريكا إلى حرب جديدة في مواقع دولية مختلفة. إذا نجحت القمة الأولى لمعالجة سوق المال الدولي وايجاد أدوات تقضي ولو جزئياً على هذه الأزمة وهو أمر يحتاج إلى مجهود كبير للغاية ونتائجه غير مؤكدة 100% فإن هذه النتائج للقمة الأولى بعد يوم الثلاثاء 4نوفمبر من عامنا الحالي 2008م بعدم وصولها الى التوازن المالي الدولي سيؤثر على القمم الدولية اللاحقة لأن الهدف منها متابعة تنفيذ المبادئ التي يتم الاتفاق عليها ومتابعة الخطوات المحددة التي يتم اتخاذها في هذا الأمر، وهذا جعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو لا يهتمون كثيراً بأقوال الرئيس الأمريكي جورج بوش أثناء قمتهم المنعقدة في كامب ديفيد التي طالب فيها بضرورة الحفاظ على البنية الأساسية للرأسمالية والديمقراطية كالتزام نمو أسواق المال الحرة والاستثمارات والتجارة الدولية الحرة أيضاً وحث قادة العالم على مواصلة سياسات السوق المفتوحة التي لعبت دوراً كبيراً في رفع مستوى المعيشة للأفراد وانتشلت الملايين من وطأة الفقر. هذا الواقع قد دفع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو إلى مطالبة القمة التي عقدت في كامب ديفيد توجيه معطيات الأزمة المالية الدولية في اتجاهاتها الصحيحة وحث الرئيس الأمريكي جورج بوش باسم الأوروبيين على قبول اعادة تأسيس الهيكل المالي العالمي الذي يواجه أزمة مالية حادة تؤثر بشكل مباشر على اقتصاديات السوق الدولي. الوضع الراهن للأزمة المالية العالمية دفع الأوروبيين إلى المطالبة بأن تمهد القمة التي عقدت في كامب ديفيد والقمم اللاحقة عليها بعد يوم الثلاثاء 4نوفمبر من عامنا الحالي 2008م الطريق الى مفاوضات أوسع تهدف الى اعادة هيكلة الأنظمة سارية المفعول والمعمول بها لتنظيم الأسواق المالية العالمية، وصرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لا توجد حرية بدون تنظيم محكم، وأعلن بأنه يتحدث عن الوحدة الأوروبية لأن بلاده فرنسا تترأس الدورة الحالية لمنظمة الوحدة الأوروبية، وأعلن أيضاً أمام الدول "الفرنكوفونية" الدول الناطقة باللغة الفرنسية في قمتهم التي عقدت في كويبيك بكندا ان الأزمة المالية الحالية التي تجتاح الأسواق العالمية تدفعنا جميعاً إلى التخلص من العادات السيئة التي اكتسبناها من الممارسة الخاطئة في التعامل مما يدفعنا إلى إعادة النظر بجدية أكبر إلى النمو الاقتصادي بشكل مختلف يرتبط ويعبر عن واقع الحياة التي نعيشها ونتعامل معها حتى نتغلب على أخطر أزمة مالية واقتصادية منذ عقد الثلاثينات من القرن الماضي، وعلينا أن نفكر كثيراً وبتروٍ في المخاطر التي تحيط بنا والبحث عن السبل التي توصلنا إلى كيفية التخلص منها لنخرج من هذه الأزمة المالية التي وصلنا إليها وما هو الطريق الذي نسلكه للتخلص من هذا الوضع المالي الذي وصلنا إليه، ومن هو المسؤول عنه وكيف بدأت الأزمة المالية وسبل التخلص منها ونتعلم منها دروساً في الاقتصاد تفتح لنا الطريق للتخلص من الأزمة المالية الدولية والتأكد من عدم تكرارها مرة أخرى. إن الزعماء الأوروبيين يحملون أمريكا مسؤولية التسبب في الأزمة المالية العالمية التي جاءت بسبب القروض العقارية ولكنهم يسعون إلى إصلاح النظام المالي العالمي من خلال قمة الدول الثماني الصناعية الكبرى بالإضافة إلى الصين والهند وغيرهما من الدول من واقع الاعتقاد بأن علاج الأزمة المالية العالمية الحالية لا يمكن أن تتم بأدوات القرن الماضي العشرين والدليل على ذلك ان مؤتمر بريتون وودز الذي عقد في عام 1944م وشارك فيه 44دولة وكان من نتائجه صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي والعديد من الأنظمة المالية وكلها تهدد بقوة استمرار الأزمة المالية الحالية من يدعونا إلى إيجاد توازن جديد يحقق طبيعة العلاقة بين الدول والسوق.