تعدّ المخرجة الفرنسية من أصول جزائرية يمينة بنغيغي من أبرز أصوات السينما المهاجرة اليوم في فرنسا، وقد أنجزت أخيراً فيلماً وثائقياً عن الضاحية الباريسية "سان دوني" حيث تعيش نسبة كبيرة من المهاجرين. تمّ عرض الفيلم على شاشة "كنال بلوس" الفرنسية، كما تناولته معظم وسائل الاعلام الفرنسية وأثنت على جهود المخرجة التي اختارت منذ بداياتها موضوع الهجرة والمهاجرين مركّزة على معاناتهم بسبب الشعور بالاقتلاع وارتباطهم بالحقبة الاستعمارية التي شملت دول المغرب العربي ودولاً إفريقية عديدة. الفيلم الجديد بعنوان "ذاكرة منطقة" ويروي سيرة إنشاء ضاحية جديدة في باريس إثر الحرب العاليمة الثانية من أجل استيعاب آلاف العمال الذين قدموا الى فرنسا للعمل في مصانعها والمساهمة في نهضتها الاقتصادية. وقد اعتمدت المخرجة أثناء إعداد الفيلم على مئات المراجع الوثائقية وأجرت أكثر من مئتي لقاء مع عمال ومهندسين معماريين وسياسيين ومهاجرين شباب ولدوا ونشأوا في ضاحية "سان دوني"، كما عايشوا معاناة آبائهم الذين كانوا يعملون في المصانع لساعات طويلة وفي ظروف قاسية ويقيمون في تجمعات سكنية كبيرة شيّدت خصيصاً لاستيعابهم مع عائلاتهم الفقيرة . يأتي هذا الفيلم بعد مجموعة من الأفلام التي عالجت موضوع الهجرة والمهاجرين كما أشرنا، ففي عام 1997أنجزت يمينة بنغيغي المولودة عام 1957من أبوين جزائريين فيلماً بعنوان "ذكريات المهاجرين" وقد عرض على محطة "كنال بلوس" وحقّق نجاحاً كبيراً وهو يعدّ اليوم مرجعاً تاريخياً وثقافياً هاماً لا سيما أنها تناولت فيه تاريخ الهجرة المغاربية إلى فرنسا وهي هجرة قديمة ترجع الى مطلع القرن العشرين وترتبط بمرحلة استعمار فرنسا للجزائر في القرن التاسع عشر. أما الفيلم الآخر فهو فيلمها الروائي الأول ويروي قصة امرأة جزائرية تصل الى فرنسا مع أطفالها الثلاثة لتلتحق بزوجها المقيم في منطقة بيكاردي في الشمال الفرنسي. يركّز الفيلم على الصعوبات التي تحول دون اندماج بطلة الفيلم في مجتمعها الجديد بسبب عدائية الجيران الذين ينظرون إليها بكثير من الحذر بسبب جهلها للغة الفرنسية وتبنّيها عادات اجتماعية مختلفة. كذلك يركز الفيلم على تدخّل والدة زوجها في شؤونها وصمت زوجها مما ساهم في مضاعفة شعورها بالعزلة وانغلاقها أكثر على نفسها. نشير أخيراً إلى أنّ بنغيغي أبدت أيضاً، ومنذ بداياتها، اهتماماً بقضايا المرأة العربية والمسلمة فأنجزت عام 1994فيلماً بعنوان "نساء الاسلام" وهي تستوحي ملامح أساسية من أفلامها من تجربتها الشخصية كامرأة من أصول جزائرية ومن تجربة والدتها كما في فيلم "إن شاء الله يوم الأحد".