في عمله الروائي الخلاق "لعبة الكريات الزجاجية" كتب الألماني هرمان هسه عن زمن مستقبلي تنهض فيه الفنون والآداب من انحطاطها الذي أصابها، والذي يفترض هسه أنه معاصر لوقتنا الحاضر، هذا الافتراض هو ما يشعر به كثيرون ممن يتابعون بعين مستقبحة، الحال الذي وصلت إليه الفنون هذه الأيام، لكن الأمر الذي يخفف من هذا الشعور هو بعض اليقظات هنا وهناك، عبر بعض الأعمال التي تعتمد منهجاً فنياً بالغ الجمال والصرامة في تذكير لما يجب أن يكون عليه الفن. ألبوم "فيفا لا فيدا" هو أحد تلك اليقظات التي تحتاج أن نتوقف ونتأملها قليلاً. بأسلوب يعتمد الفكرة الواحدة ولكن بمنظار يعبر عن الفكرة من زوايا مختلفة، جاءت أغنية "فيفا لا فيدا" في الألبوم الذي حمل اسمها في المسار السابع، بترتيب يبدو أنه ليس اعتباطياً، ومتوافقاً مع تصريحات بعض أعضاء الفرقة بأن الألبوم سيجعل فرقة كولدبلاي أحد أهم الفرق الغنائية في الغرب، ودون مزيد اهتمام بمثل هذه التصريحات ذات النمط الدعائي، فإن هذا الألبوم هو ضربة كولدبلاي الكبرى حتى الآن، في ترتيبه الأكثر مبيعاً حتى اليوم في 36دولة حول العالم، ثلاثمائة وستة عشر ألف ألبوم بيعت في الولاياتالمتحدة ومائة وخمسة وعشرون ألف ألبوم في المملكة المتحدة فقط في اليوم الأول، ومحققاً الرقم الأكثر في تاريخ الألبومات المدفوعة عبر التحميل من الانترنت، ألبوم "فيفا لا فيدا" ظاهرة فنية قبل أن يكون ظاهرة تجارية ملفتة للنظر، وهو ما يحدث له الآن. يأتي عنوان الأغنية من اسم لوحة للفنانة المكسيكية فريدا كاهلو ( 1907- 1954م)، تلك المرأة التي كانت مصابة بشلل الأطفال، ثم كسر ظهرها في حادثة انقلاب حافلة كانت تستقلها في رحلة لها، ومع ذلك رسمت تلك اللوحة التي يمكننا ترجمة معناها إلى كلمة "لتحيا الحياة"، هذا الاحتفال بالحياة هو ما يجسد كلمات الأغنية التي كتبها كريس مارتين مؤسس الفرقة وعضوها الرئيسي، وفيها يحكي قصة ملك فقد مملكته، رجل كان يملك الشوارع فأصبح يكنسها، تلك الفكرة التي تحدد مفهوم ألبوم "فيفا لا فيدا" عن الثورة والفداء، والتي تم اختيار لوحة الفنان الفرنسي أوجين ديلاكروا ( 1798- 1863م) الحرية تقود الشعب، اللوحة التي رسمت في الاحتفاء بثورة يوليو عام 1830م، غلافاً للألبوم الذي يحمل اسماً آخر هو "الموت وكل أصدقائه"، ويمكننا أن نقف على اتجاه كولدبلاي في رؤيتهم الأخلاقية حول مفهوم الثورة والفداء منذ انتباهنا إلى أغنية "مقابر لندن"، أو احتجاجهم على الحرب في "التل البنفسجي" وهو الأول من نوعه في أعمالهم، والذي لقي صدى واسعاً يؤكد فعالية هذا النوع من الأعمال في العصر الحديث. في نمط مختلف عن أعمال كولدبلاي التي اعتاد الجمهور فيها على نغمات البيانو التي يعزفها كريس مارتين، وعزف الجيتار الرئيسي والمساند لجوني باكلاند وغاي بيريمان، جاءت أغنية "فيفا لا فيدا" ومجمل أعمال الألبوم بنمط يعتمد بشكل أكبر على ويليام تشامبيون عازف الطبول، مع الاستعانة بعازف الكمان الإيطالي دايفيد روسي في مقاطع الكمان وترتيبات الألحان الوترية لمجمل أعمال الألبوم. "فيفا لا فيدا" حققت المرتبة الأولى في قوائم الأفضل في عدد كبير من دول العالم، وعلى رأسها المملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة وأستراليا، حيث صدرت منفردة قبل الألبوم، بعد إصدار "التل البنفسجي" التي حققت مبيعات كبيرة كانت المبشر الأول بنجاح "فيفا لا فيدا" والألبوم من بعدها.