إجراءان متزامنان وفقت في إقرارهما وزارة التربية والتعليم منذ مطلع العام الدراسي الجديد نأمل أن يكون لهما انعكاس ايجابي كبير على المستويين التعليمي والاجتماعي. أول الإجراءات قرار إنهاء تعيين أي معلمة لا تتقيد بالسكن في مكان تعيينها، فهذا القرار - لو طبق فعلاً - سيحد كثيراً من حوادث الموت اليومية التي تغتال معلماتنا في رحلتهن المضنية إلى مدارسهن مع بزوغ كل فجر، وسيساعد على تنظيم دوامهن وعطائهن، فمن توافق على التعيين في أماكن بعيدة عن أهلها عليها أن تحتمل ما يترتب على ذلك من غربة وتعب وتحتسبها عند الله، مادام هذا الاغتراب لفترة محددة تنتقل بعدها إلى مدينتها، ومن لا تستطيع الالتزام بذلك والصبر على مشاقه، عليها لزوم بيتها فهذا أفضل لها من القضاء أشلاء في حادث مروع تُرمى مسؤوليته على جهات رسمية. والإجراء الثاني هو إعداد آليات عمل فحص صحي للمعلمين والمعلمات، ممن هم على رأس العمل، للتأكد من خلو أجسادهم من المخدرات، ومن يثبت تعاطيه - أو تعاطيها - يستبعد عن العمل فوراً حفاظاً على سلامة الطلاب والطالبات. فبعد أن تأكدت الوزارة من خلو أجسام المعلمين والمعلمات المترشحين الجدد للعمل، واستبعدت من ثبت إدمانهم بعد الفحص الصحي، جاء دور من هم على رأس العمل، وهذا إجراء موفق يجعل كل معلم ومعلمة تحت طائلة المسؤولية كل عام، فالركون إلى كونهم على رأس العمل يجب أن لا يجعلهم بمأمن في مسألة الوقوع في الإدمان، فمهنة التعليم تحتاج إلى عقول سليمة صاحية وإلى أخلاق ومبادئ سامية، والإدمان مدمّر للعقل والأخلاق معاً. وكم نتمنى لو طبقت الوزارة إجراءات هذا الفحص على الطلاب والطالبات أيضاً (على الأقل ممن هم في السادس الابتدائي، والثالث المتوسط، والثالث الثانوي)، فقد سبق واقترحت هذا في مقالة سابقة، ولو تحقق فعلاً سيكون الأهالي ممنونين للوزارة التي ساعدتهم في الحفاظ على صحة أبنائهم وبناتهم وكشفت عن تعاطيهم للمخدرات ووجهت لمعالجتهم قبل أن يصبح الأمر إدماناً.. هذا الفحص سيجعل الطلاب والطالبات يفكرون ألف مرة قبل أن يتعاطوا أول حبة أو أول شمّة أو أول حقنة.. فهل سنسمع عن هذا قريباً قيد التنفيذ؟