@@ نشعر بكل سعادة الدنيا.. @@ حين نعيش بعض صور "الوفاء".. و"الإخلاص" والمودة الصادقة في زمن يندر فيه الأوفياء.. وتتضاءل فيه صور الإخلاص.. مع كل أسف.. @@ نشعر بالسعادة.. حين نكتشف معادن الناس الحقيقية.. وطبيعتهم الصافية بعد أن نكون قد شكّكنا طويلاً في حسن نواياهم.. وصفاء طويّتهم.. ويقظة ضمائرهم.. (!!).. @@ ونشعر بالارتياح.. عندما نكتشف ان من أحسنا الظن بهم.. ومنحناهم أصدق مشاعرنا.. وعظيم تضحياتنا.. وأعطيناهم كل ما نستطيع وما لا نستطيع.. قد "خدعونا" طويلاً.. وطعنونا كثيراً.. وضحكوا علينا كثيراً.. مستغلين بذلك طيبتنا.. وسخاءنا.. ومودتنا الصادقة.. وثقتنا المتناهية.. @@ ونسعد أكثر فأكثر.. عندما نكتشف أن من كنا لا نثق بهم.. ولا نطمئن إليهم.. ولا نعتمد عليهم.. قد أثبتوا - مع الأيام - أنهم يملكون مزايا وخصائص أخلاقية.. تجعلهم في مصاف متقدمة.. وإن عجزوا عن ابرازها.. بفعل تواضعهم المتناهي.. وحيائهم المتميز.. وبعدهم الكامل عن "المباهاة".. وترفعهم عن الصغائر وتمتعهم بعفة النفس.. ونظافة اليد.. ونزاهة التصرف.. @@ وبالقدر نفسه.. @@ فإننا نشعر بكثير من الأسف والأسى.. ومن الاعتذار.. وكذلك من الخجل من النفس.. قبل الخجل منهم.. @@ نشعر بكل هذا لأننا أخطأنا فهم هذا النوع من البشر.. @@ ليس هذا فحسب.. بل إننا أسأنا إليهم حين صدقنا فيهم بعض المغرضين.. والمسترزقين.. والتافهين.. والمرجفين الذين حالوا دون وصول أناس على قدر كبير من النظافة إلى المكانة التي يستحقونها.. فتتكشف حقيقتهم.. ويخسرون كل مرتخصٍ وغال.. @@ كما نشعر بالعجز والقصور لعدم استقصاء بعض ما كان يصلنا عنهم.. ويثار حولهم.. فيما صدقنا فيهم من لا يستحقون الثقة.. ولا يستأهلون التصديق.. ولا يجدر بالإنسان أن يدينهم منه.. @@ لكن هذه هي الحياة.. @@ وهذا هو الإنسان.. @@ فالحياة قد تأخذنا في دوامتها.. وتغرقنا في متاهات من "النفاق" و"الكذب" و"التضليل".. وتجعلنا نعيش بعيداً عن الحقيقة لاسيما إذا نحن لم نحسن اختيار من يحيطون بنا.. ممن يصورون لنا الأشياء على غير حقيقتها.. ويقدمون لنا ما يريدون.. وليس ما يجب أن نعرفه.. أو نقف عليه.. @@ والأحياء وإن كانوا على درجة قصوى من التنبه.. والحذر.. والذكاء.. إلا أنهم قد لا يكونون محيطين بطبائع البشر.. ولا بأساليبهم الملتوية.. لإخفاء الحقيقة عنهم.. وتلوين الصورة بالشكل الذي يودون.. ويرغبون.. ويستفيدون (!!).. @@ وعندما يثق الإنسان في من حوله.. فإنه يسقط جميع المحاذير.. ويمنحه الثقة.. ولا تصبح هناك سدود بينه وبين ذلك الآخر.. ولا يدع مجالاً للشك.. أو الريبة في تصرفاته.. وأقواله.. ومشوراته.. ولا يدور بخلده - لحظة واحدة - ان ذلك يمكن أن يكون سبباً "للاستغفال" ووسيلة "للابتزاز" وطريقاً إلى إقصاء الأوفياء.. وحجب الأشياء الجميلة عن الأنظار.. @@ وعندما تغيب الحقيقة.. @@ ويصبح الإنسان بمعزل عن الإلمام بدقائق الأمور.. فإن الكثير من الوجوه "المشرقة" و"الضمائر" الحية.. و"النفوس" الكبيرة.. و"العقول" النيرة والقلوب "النظيفة" تبتعد عنا.. @@ لكننا عندما نفيق من "الغمة".. @@ وتنقشع "طلاسم" السحر والساحر.. @@ ونكتشف الحقيقة.. فإننا نحس وكأننا قد عدنا إلى الحياة من جديد.. @@ عدنا إلى أنفسنا.. إلى رشدنا.. إلى وعينا الكامل.. إلى البشر الذي حُرمنا من مودتهم طويلاً.. ومن سلامة نواياهم كثيراً.. ومن صدق مشورتهم وقتاً لم يكن محسوباً من أعمارنا.. @@@ ضمير مستتر: @@ (نهتف من أعمق أعماقنا ونقول أهلاً لمن باعدت الأيام بيننا وبينهم.. وعشنا محرومين من مودتهم).