القرآن الكريم، كتاب الله العزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، محفوظ من الله، حيث قال تعالى في محكم التنزيل (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر: 9) فالحمد لله كثيراً على ذلك، ثم الحمد لله كثيراً أن قيض على مدى الأزمان من يحفظون كتابه الكريم، ويعتنون به وينشرونه، ويختص بهذا الفضل من يشاء من عباده. وكما شرف الله المملكة العربية السعودية بخدمة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، فقد خصها بدور رائد في خدمة الإسلام والمسلمين والعناية بالقرآن الكريم وعلومه. وقد اعتنت المملكة العربية السعودية بكتاب الله تعالى إعداداً، ونشراً، وتوزيعاً، وشهدت خدمته تطوراً كبيراً. وأمام ازدياد حاجة العالم للمصحف الشريف، واستشعاراً من القيادة الحكيمة لهذه البلاد بأهمية توافر مصحف صحيح ومعتنى بمراجعته وطباعته بين أيدي المسلمين، وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - من أول اهتماماته إنشاء مجمع لطباعة القرآن الكريم، وقد أرسى حجر الأساس لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة في شهر المحرم من عام 1403ه، وافتتحه في شهر صفر من عام 1405ه، وتولت قيادة المملكة المجمع بالعناية والرعاية، والدعم المتواصل، حتى غدا بفضل الله تعالى من أكبر المراكز العلمية للدراسات والبحوث الجادة في كل ما يتعلق بالقرآن الكريم وعلومه، وأعظم مؤسسة طباعية في العالم لطباعة المصحف الشريف بأحجام متعددة وبالقراءات المشهورة، وترجمة معانيه بمختلف اللغات، ونشرها، وتوزيعها، مع الدقة في مرعاة القواعد العلمية في الرسم، والضبط والإخراج. وهذا الأمر ليس مستغرباً من المملكة العربية السعودية التي قامت بإعلاء كلمة التوحيد ورفعت رايته خفاقة عالية، وعرفت بنبل مقاصدها، وعلو همتها، وسمو أهدافها، وحرصها على كل ما من شأنه خدمة الإسلام والمسلمين وذلك منذ عهد مؤسسها المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله،