في العاشر من شهر رمضان كتبت مقالاً بعنوان (اولمبياد الوزارات) أشرت فيه الى النتائج المخجلة لوفودنا الرياضية في اولمبياد بكين وقسوتنا على رعاية الشباب بتقييم أدائها من خلال نتائج ممثلينا في المناسبات الرياضية وتخيلت تحقيقاً لعدالة تقييم أداء الجهات الحكومية إقامة اولمبياد للجهات الحكومية كانت نتائجه خسارة مصانع الشابورة وأكياس البلاستيك في بطولة الصناعة، وخسارة مستثمري الفول والحمص في بطولة الاستثمار الأجنبي، وخسارة مراكزنا الصحية ومستشفياتنا المتهالكة (المتاحة للمواطن البسيط) في بطولة الصحة، وخسارة مدارسنا المستأجرة ومناهجنا وإداراتنا التعليمية في بطولة التعليم، وخسارة باصات خط البلدة في بطولة النقل، ومنع فريق المرور من المشاركة لعدم تصديقهم وجود جهاز معني بتنظيم المرور في بلادنا الغالية، وطرد فريق التجارة من البطولة لأنه يرتدي ملابس رياضية رديئة مقلدة. ورغم انني نقلت صورة واقعية غير جيدة لأجهزتنا الإدارية وفوضوية وسوء عملنا الجماعي إلا أنني أؤكد أن لدينا مبدعين ونوابغ على المستوى الفردي في مجال الطب تفوقوا على نظرائهم في الدول المتقدمة في بعض التخصصات. ولإنصاف بلادنا الغالية سأتخيل إضافة بطولات طبية في الاولمبياد القادم (لضمان الاهتمام الرسمي والإعلامي والشعبي) يشارك فيها عدد من الأطباء السعوديين المتميزين الذين لا يمكن حصرهم وسأكتفي بنموذجين متميزين مشرفين منهما ففي بطولة جراحة القلب سيمثلنا البروفيسور العالمي محمد بن راشد الفقيه رائد جراحة وزراعة القلب وإصلاح صماماته في العالم الذي أنشأ قسم جراحة القلب في مستشفى القوات المسلحة قبل ثلاثين عاماً وكافح لتطويره وتحويله إلى مركز متميز لجراحة وأمراض القلب وأجرى أكثر من ستة آلاف عملية جراحية معقدة وخطيرة تم نقل بعضها على الهواء مباشرة ليستفيد منها جراحو القلب في الدول المتقدمة وسيؤكد الدكتور الفقيه تفوقه وجدارته ويحصل على ميدالية ذهبية تعترف بأحقيته لها جميع مراكز القلب في العالم. وفي بطولة الجراحات المعقدة سيمثلنا البروفيسور عبدالله الربيعة رائد جراحات فصل التوائم في العالم الذي أجرى أكثر من عشرين عملية فصل معقدة وخطيرة وشبه مستحيلة إضافة إلى الكثير من العمليات الجراحية الكبيرة التي تكللت ولله الحمد بالنجاح وسيؤكد الدكتور الربيعة زعامته وتفوقه على أقرانه ويحصل أيضاً على ميدالية ذهبية تعترف بأحقيته لها جميع المراكز المتخصصة في العالم. وبما أن أجهزتنا الرقابية المسالمة لم تتمكن من إصلاح الخلل الموجود فيها وفي غالبية أجهزتنا الإدارية فسوف نستعين بجراحينا المتميزين للكشف عليها وتشخيص حالتها المرضية المستعصية ومعالجتها أو التبرع بما يصلح من أعضائها لمن يحتاجها أو يقبل بها وسيتولى الدكتور محمد الفقيه فحص قلوبها والتأكد من وجودها وإمكانية علاجها أو استبدالها وفحص صماماتها وشرايينها وأوردتها الرئيسية المتضيقة والمسدودة وإزالة الجلطات التي تعيق سريان الدم فيها وترقيعها أو مصارحتنا بحقيقة عدم إمكانية شفائها ووفاتها دماغياً إذا كان لبعضها أدمغة. كما سيتولى الدكتور عبدالله الربيعة مهمة فحص الأجهزة الحكومية المتورمة والمتلاصقة بوزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها ومجالسها ولجانها المتداخلة والمتشابكة وتحديد أعضائها الزائدة والمشتركة وفصلها أو لصقها أو إلغائها مع ترحيبنا البالغ لقراره بالتضحية ببعضها لضمان حياة سليمة لبعضها الآخر وكان الله في عونهما على مهمتهما الشاقة المعقدة التي لم يواجها مثلها طيلة حياتهما العملية فقد حققا بطولات عالمية في تخصصهما دون ميداليات ذهبية وأهملتهما الجهات الرسمية مادياً ومعنوياً وتجاهلتهما صحفنا وقنواتنا التليفزيونية المشغولة بتغطية أخبار وتفاصيل تافهة في حياة الرياضيين والفنانين.