رجعت مؤخرا من المملكة المتحدة بعد أن ساعدت ابني الأكبر على الالتحاق بجامعة جديدة وقدمت النصيحة لابني الأصغر الذي سيتقدم بعد بضعة أيام للالتحاق بالجامعة لدراسة اللغة العربية والدراسات الشرق أوسطية. انها لحظة افتخار في حياة كل أب عندما يرى ابنه وهو يخطو نحو التعليم العالي. كما انها لحظة تعود فيها الذاكرة الى ايام الدراسة الجامعية وما تحويه من بهجة الحياة الأكاديمية والتحديات والمغامرات التي تواجه المرء وهو يسعى لتحصيل المعرفة التي تجتذب الشباب على الدوام. اننا في بريطانيا نفخر كثيرا بجامعاتنا، وتعتبر بريطانيا موطنا لأفضل مراكز التعلم في العالم والتي يعود تاريخها الى العصور الوسطى، مثل اكسفورد وكامبريدج وادنبرة وسانت اندروز، وهناك ايضا جامعات احدث تحظى باعتراف دولي نظراً لتميزها في الطب والهندسة والعلوم مثل جامعتي امبيريال ومانشستر. ولذلك، فإنه ليس بمستغرب أن تكون المملكة المتحدة إحدى الوجهات الأولى التي يقصدها الطلبة من كافة أنحاء العالم سعيا للحصول على تعليم جامعي على مستوى عالمي. وتزداد أعداد الطلبة السعوديين الذين يلتحقون بهذه الجامعات عاما بعد عام. وبالطبع فإن الطلبة السعوديين يتوافدون على بريطانيا منذ عدة عقود وترجع أقدم البعثات الى الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، ويتحدث الكثير من أصدقائي هنا في المملكة عن أيام الدراسة الجامعية في بريطانيا وعن الطقس البريطاني المنعش وعن دماثة الشعب البريطاني امتدادا من ليفربول الى داندي وعن اللهجات الاقليمية المميزة ويذكرون قصة شخص اصبح الآن بروفيسورا كبيرا حين كان يحضر لدراسة الدكتوراه في سوانسي وقد ادرك مع مرور الوقت ان اولاده يتحدثون لغة غريبة لا يفهمها هي اللغة الويلزية. فبينما كان هو منشغلا في الجامعة كان اولاده يتعلمون هذه اللغة في المدرسة المحلية. يدرس الطلبة السعوديون في الوقت الراهن تخصصات عديدة في الجامعات المختلفة. فهم يدرسون الطب في جامعة سوانسي والصحافة في جامعة ويستمنستر وهندسة البترول في جامعة هربوت واط وعلم الاقتصاد في كلية لندن للاقتصاد. ويجري الاكاديميون السعوديون الذين يحضرون لدراسات الدكتوراه ابحاثا متميزة ويقدمون مساهمات فعلية لاثراء الحياة الأكاديمية في المملكة المتحدة. وقد أنشئت عدة جامعات أندية خاصة للطلبة السعوديين تساهم بفعالية ونشاط في الحياة الاجتماعية والثقافية لهذه الجامعات وتلعب دوراً هاماً في تعريف المجتمع البريطاني واطلاعه على أحوال المملكة العربية السعودية. وقد ازدادت خلال السنتين الماضيتين أعداد الطلبة السعوديين الذين يدرسون في المملكة المتحدة وذلك بفضل برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للمنح الدراسية.. ويعتبر هذا البرنامج دليلاً على حكمة وبصيرة الملك عبدالله والذي يقدم من خلاله الفرصة لآلاف الطلبة السعوديين لمتابعة دراساتهم الجامعية في الخارج.. وحسب بيانات زملائي في السفارة السعودية في لندن، فإن أعداد الطلبة السعوديين الذين يدرسون في المملكة المتحدة يزيد على 8000طالب.. انه لمن دواعي سروري أن تختار هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة السعوديين التوجه إلى المملكة المتحدة والالتحاق بالجامعات البريطانية.. ونحن في المملكة المتحدة سعداء للترحيب بالشباب القادمين من المملكة العربية السعودية وسوف نبذل قصارى جهدنا لتسهيل الأمور عليهم. وبمجرد الحصول على خطاب القبول من الجامعة يقوم مركز تقديم طلبات التأشيرات التابع للسفارة البريطانية في الرياض بإنهاء إجراءات 98% من طلبات تأشيرات الطلبة خلال 24ساعة.. كما يقوم زملاؤنا في المجلس الثقافي البريطاني بتوفير المعلومات والمساندة المطلوبة لأي طالب يفكر في الالتحاق بإحدى الجامعات البريطانية.. وقد نظم المجلس الثقافي البريطاني في بداية هذا العام ندوات توجيهية في كل من الرياضوجدة والدمام بهدف تهيئة الشباب السعودي لحياة الطلبة في المملكة المتحدة. وإنني أطمح بأن تشهد السنوات القادمة المزيد من الشباب السعودي الذي يختار التعليم الجامعي في بريطانيا.. ان هذا الاختيار لن يقتصر على اتاحة الفرصة للطلبة بخوض تجربة الحياة في المملكة المتحدة مباشرة فقط، بل إنه سوف يوطد الروابط القائمة بين البلدين ويعزز التفاهم بين الشعبين. @ سفير بريطانيا لدى المملكة