عام 2000م زُرتُ ألمانيا وبالتحديد مدينة(دوسلدورف) في رحلة عمل وفي يومٍ كنت أركب مع صديق لي مُقيم هناك حين رنّ هاتفه الجوال فأعطى صاحبي من فورهِ إشارة الخروج عن الطريق السريع وتوقف تماماً ثم أتمّ محادثته وبعدها واصلنا المسير فسألته عن سبب توقفه فقال إن النظام صارم هُنا ولا يُسمح لسائق السيارة بإجراء محادثات بالهاتف الجوال أثناء القيادة بعد أن تكرر وقوع الحوادث بسبب هذا المدعو(الجوال)، تذكّرت هذه الحكاية وأنا أقرأ الخبر الذي بثّته وكالة الأنباء الألمانية نقلاً عن نادي السيارات الأوربي حول الأعذار الغريبة التي يقدّمها قائدو السيارات في ألمانيا عندما توقفهم الشرطة بسبب استخدامهم الهاتف المحمول أثناء القيادة، إقرأوا إن شئتم هذه الأمثلة: @ إنني لا أستخدم الهاتف المحمول لإجراء مكالمات ولكن لأن دفء البطارية يُعالج ألم الأذن الذي أُعاني منه. @ إنني أضع الهاتف على أذني لمنع فكّي من الاهتزاز @ لم أكن أستخدم الهاتف وإنما ماكينة حلاقة تعمل بالكهرباء @ لم أفعل شيئاً سوى "إملاء" نص عبر الهاتف (رجل أعمال) طبعاً المحكمة رفضت تلك الأعذار غير المُقنعة وأمرت بتطبيق العقوبة المقررة والتي تُقدّر ب(40) يورو على كل من يمارس أفعالاً تعوق الانتباه التام للطريق. وفي بلادنا يُعاقب قانون المرور الجديد الذي بُدئ في تنفيذه قبل عدة أشهر كل من يستخدم الهاتف الجوّال أثناء القيادة بغرامة مالية قدرها مائة ريال وقد تم بالفعل تطبيق هذه العقوبة فهل سيستمر المرور في متابعة هذه المخالفة أم يتراخى كما حدث مع (المرحوم) حزام الأمان؟؟ الله أعلم. إذا كان الألمان وهم أهل أنظمة وتنظيم يحاولون التهرّب من العقوبة بتقديم أعذار غريبة فما هي الأعذار المتوقعة التي سيسمعها رجال المرور حين يوقفون أحد (ربعنا) وهو في انسجام تام قد تركّزت كل حواسّه في أُذنيه مع الطرف الآخر على الهاتف..؟ وما دام الشيء بالشيء يُذكر فلماذا لا تقوم شركات الاتصالات الهاتفية الثلاث وهي طرف رئيس في الموضوع بالتعاون مع المرور ببث رسائل اتصالية في الوسائل الجاذبة وبأسلوب مُقنع تُحذر فيها من خطورة استخدام الهاتف الجوّال أثناء قيادة السيارة حتى يعرف الناس أن الحكاية ليست جباية أموال كما يعتقد البعض بل هي محاولة لدرء خطر مؤكّد قد يقع في أيّ لحظة.