أصدرت حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله مؤخرا تعديلات على اللائحة المنظمة لشئون منسوبي الجامعات من أعضاء هيئة التدريس السعوديين ومن في حكمهم بعد مدة دامت أكثر من ست سنوات من المداولات والإعداد، وكان لصدور القرار صدى واسعاً في أوساط المجتمع كافة حيث إنه عبر عن ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من اهتمام بجميع فئات المجتمع وعن استشعارها لهمومهم. ولكن المتمعن في القرار يجد أنه لم يخدم أهم أهدافه التي أعدت من أجله ألا وهو الحد من تسرب أعضاء هيئة التدريس، فهذه المشكلة عانت منها الجامعات كثيراً وكان السبب الرئيسي في حدوثها هو ضعف ما يخصص لعضو هيئة التدريس كراتب شهري مقارنة بما يتحصل عليه عند تركه للجامعة والتوجه للقطاع الخاص أو للجامعات الأهلية أو لجامعة الملك عبدالله والذي يزيد بطبيعة الحال عن ما يخصص له في الجامعة بنسبة تتراوح ما بين 50% إلى 200%؛ وبالتالي فإنه كان متوقعاً أن يصدر ضمن بنود القرار حل لهذه المشكلة وعلى وجه الخصوص أن يتضمن القرار زيادة في أصل رواتب أعضاء هيئة التدريس بما لا يقل عن 50%. ورغم هذا كله فإن القرار تضمن مجموعة من البدلات أعدت لكي تحسن من أوضاع أعضاء هيئة التدريس الاقتصادية، ولكن نظراً لصعوبة تحقيق شروط هذه البدلات فإن تأثيرها سوف يكون ضعيفاً إن لم يكن معدوماً على اقتصاديات أعضاء هيئة التدريس. ولكي نستشعر مدى هذا الضعف سوف نستعرض هذه البدلات ونستعرض تأثيرها على اقتصاديات أعضاء هيئة التدريس في النقاط التالية: 1- السكن الجامعي: الهدف منه توفير سكن لعضو هيئة التدريس يخفف عنه عناء البحث عن سكن وكذلك عبء غلاء أسعار العقارات، ولكن من المعروف أنه لن يكون سكناً دائماً لعضو هيئة التدريس، فبمجرد أن ينهي عضو هيئة تدريس خدمته الأكاديمية لأي سبب من الأسباب سوف يفقد هذا السكن وبالتالي سوف يبحث عن بديل وفي هذه الحالة لن يكون البديل متوفراً كما أنه لن يكون سعره في متناول عضو هيئة التدريس. 2- مكافأة نهاية الخدمة: الهدف منها تحسين وضع عضو هيئة التدريس بعد نهاية خدمته، ولكن الحصول على هذا البدل صعب حيث إنه مشروط بإنقضاء 20سنة من الخدمة في القطاع الأكاديمي بعد رتبة محاضر، كما أن مردود هذا البدل ضعيف حيث يبلغ ما يتحصل عليه عضو هيئة التدريس الذي برتبة أستاذ (وهي أعلى مرتبة أكاديمية) والذي بلغ في السلم الأكاديمي آخر درجة من درجاته (وقليل من يصل إليها) ( 498100ريال)، وهذا المبلغ لا يكفي لشراء ارض بالأسعار الحالية. 3- بدل التعليم الجامعي: الهدف منه تشجيع العمل الأكاديمي، وأقصى حد لهذا البدل سنوياً هو ما سوف يصرف لعضو هيئة التدريس الذي برتبة أستاذ (وهم قلة) وهو ( 32024ريال)، وهذا المبلغ لا يفي بتخفيف المصروفات السنوية لعضو هيئة تدريس برتبة أستاذ، كما أن الحصول على هذا البدل مشروط بأن يبلغ نصاب عضو هيئة التدريس الحد الأعلى وهذا صعب التحقيق فأغلب أعضاء هيئة التدريس أنصبتهم أقل من الحد الأعلى بقليل نظراً لتكليفهم بأعمال لجان وأعمال إدارية أخرى والتي لا تحسب من ضمن نصاب عضو هيئة التدريس والتي أيضاً لم يشملها القرار بأي بدل أو مكافأة. 4- البدلات والمكافآت الأخرى: وهذه عبارة عن بدل الندرة وبدل الجامعات الناشئة وبدل حضور جلسات القسم والكلية ومكافأة التميز ومكافأة الوظائف القيادية، وهذه البدلات لن تصرف لجميع أعضاء هيئة التدريس بل لقلة منهم عدا بدل الجلسات والذي يبلغ أقصى ما سوف يصرف لعضو هيئة التدريس ( 9000ريال) سنوياً وهذا بطبيعة الحال مبلغ زهيد لا يكفي لتحسين الوضع الاقتصادي السنوي لعضو هيئة التدريس. ومن خلال ما تم عرضه نجد أن القرار لن يؤثر بشكل إيجابي على اقتصاديات أعضاء هيئة التدريس، وبالتالي لن يساهم في تخفيف تسرب أعضاء هيئة التدريس، وإنما قد يزيد منها وذلك نظراً لأن كثيراً من أعضاء هيئة التدريس الذين كانوا ينتظرون أن يصدر القرار ببنود تساهم فعلياً في تحسين أوضاعهم الاقتصادية، سوف يبحثون عن وظائف أخرى تخفف عنهم أعباء حياتهم اليومية. ولاستدراك هذا الأمر يفضل إعادة النظر في القرار أو تحسينه بما يحقق جميع الأهداف المرجوة منه. @ عضوهيئة التدريس قسم الهندسة الصناعية جامعة الملك سعود