كم يمر عليك من الأحباب ممن تتمنى ألا تعيش بدون رؤيته، ولكن هذه الحياة شعارها: أحبب ما شئت فإنك لا محال مفارقه، فقدنا رجلاً عشنا معه مدة طويلة، تعلمنا منه الحكمة والوصل ورحابة الصدر. فقد كان أمياً، ولكنه في نفس الوقت يحب التعلم ويحرص على المعلومة الجديدة، بل هو موسوعة متحركة في تاريخ الرجال وأحداث الزمان، فالذي يسمعه يبقى في ذاكرته بدون زيادة او نقصان. وقد تعلم من حياة البادية سرعة البديهة والرد السريع الصريح، ولكن لا يحمل أضغاناً على احد ولا يحسد كائناً على ما اعطاه الله من نعمه، ولم يمد يده الى احد، الا لرب العالمين. تعلمنا منه الوفاء والتواصل مع الأصدقاء والمزاح المقبول الذي ليس فيه تجاوز او خروج عن الأدب. يعشق أبناءه وأحفاده لدرجة عجيبة، لا يرتاح له بال ما لم يهاتف الكبير والصغير، ويطمئن على صحة المريض، فهو كما هو كريم في وقته فهو معطاء فيما أعطاه الله من خير يسير، فهو يحب الضعفاء والمساكين، ويرحم العمالة ويقدر اتعابهم ولا يبخسهم حقوقهم. ولا نكاد نذهب الى منطقة الا والحاج فواز هو شمعة المجالس ومحل الإعجاب، حيث يحب ان يجعل التجمع رائقاً جميلاً وذا فائدة، لذا فترى في حضوره: المزاح والعلم الطيب وحسن الاستقبال والتوديع، وكأنهم يعرفونه منذ زمن طويل، بل ويتنافسون على دعوته والتشرف في استقباله. رحم الله فواز بن زنعاف السهلي، ذلك الرجل العفيف المؤمن الذي لا نتذكره الا بحرصه على الصلوات في اوقاتها، وعلى رحابة الصدر وسرعة البديهة وحبه للخير وأهله، فقد ترك تلك الدنيا وليس له اي رصيد في بنك او محفظة استثمارية، ولكنه ذهب الى ربه بقلب سليم لا يذكره الناس الا بخير والترحم عليه والدعاء له.