الفقر من المعضلات الاجتماعية ومن الكوارث، حتى أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته" وقد ورد في الفقر والفقراء العديد من الأشعار والمأثورات، ومن أجملها هذه الأبيات المشهورة التي تنسب مرة للإمام الشافعي ومرة للعباس بن الأحنف: يمشي الفقير وكل شيء ضده والناس تغلق دونه أبوابها وتراه مبغوضاً وليس بمذنب ويرى العداوة لا يرى أسبابها حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة خضعت لديه وحركت أذنابها وإذا رأت يوماً فقيراً عابراً نبحت عليه وكشرت أنيابها ويقول عروة بن الورد: ذريني للغنى أسعى فإني رأيت الناس شرهم الفقير وأبعدهم وأهونهم عليهم وإن أمسى له حسب وخير فيقصيه الندي وتزدريه حليلته وينهره الصغير وتُلفي ذا الغنى وله جلال يكاد فؤاد صاحبه يطير ومن الحكم المآثورة عن لقمان قوله لابنه إذ يوصيه: "بابني، أكلت الحنظل، وذقت الصبر، فلم أر أمرَّ من الفقر، فإن افتقرتَ فلا تحدِّث به الناس كيلا ينتقصوك ولكن اسأل الله تعالى من فضله". *** ومن الأمثال والمأثورات العالمية في الفقر: الفقر والوجه البشع لا يمكن إخفاؤهما. الثور المربوط لا يحب الثور الذي يرعى. عندما يقع الغنى يقال: هذا حادث، وعندما يقع الفقير يقال إنه سكران! الفقر قميص من نار. من الصعب إخفاء الحمل والحب والفقر. عند الحصاد الوفير تكثر شكوى الفقير. يحلم الغني بالسنة القادمة ويحلم الفقير بقوت يومه. الفقر هو الحاسة السادسة. *** ويقول الشاعر: كأن مقلاً حين يغدو لحاجة إلى كل من يلقي من الناس مذنب وكان بنو عمي يقولون مرحباً فلما رأوني معدماً مات مرحب! والفقر يجعل الرجال يتغربون عن الأوطان: يقيم الرجال الموسرون بأرضهم وترمى النوى بالمقترين المراميا وما تركوا أوطانهم عن ملالة ولكن حذاراً من شَمَات الأعاديا ويقول الآخر: رمى الفقر بالفتيان حتى كأنهم بأقطار آفاق البلاد نجوم وما أجمل قول الشاعر: لا تهين الفقير علك أن تركع يوماً والدهر قد رفعه وفي الحديث الشريف "هل تُرزقون إلا بضعفائكم؟" *** ومن أمثالنا الشعبية في الفقر والغنى: الارزاق وهايب ما هي بنهايب. أبو شوي هناه وأبو كثير عناه. أفقر من الحجام أيام الشتا. أفقر من فارة المسجد! أفقر من ضب العقبه! الجوع مخلَّف الطبوع. طق الفقير ولا تشق خلقه. الفقر أخو الكفر. فقر دقاق (أي شديد جدا). الفقير ماله نصير. مامعك لاش ماتسواش! اللي ما عنده فلوس في القاع يحوس! *** ويرى بعض الشعراء أن من أسباب الشقاء والمشاكل المالية وربما الفقر عدة أمور.. فيقول: بثلاث واوات وشين بعدها كاف وضاد أصل كل هوان: بوكالة ووديعة ووصية وبشركة وكفالة وضمان! ويرى حميدان الشويعر أن الرجل إذا جمع بين الشيخوخة والفقر هان حتى على زوجته وأولاده: بالعون منيف قاله لي يقول غلاك يوم انت صبي وكذبت منيف في قوله وتبين لي ما كان غبي ترى الشايب عند عياله وام عياله مثل العربي كلوا فيده وعافوه عقب التمسك بسببي حتى أم عيالي زهدت بي نسيت جميلي وطربي منول تقول لي لبيه وهالحين تقول لي وش تبي؟! احفظ مالك تجي غالي حتى يلاقونك بالعتب وراسي وعظامي توجعني وظهيري من حد حقبي وهجوسي تسري بالليل خوف من موت بطلبي صدرت وطويت العدة ويعقبني من كان يبي الدنيا عامرها دامر مافيها خير يا عربي *** وفي قصيدة أخرى يرى حميدان أن الفقر خير علاج لمن أصابه البطر.. يقول: النعمة حمراً جياشه ما يملكها كود وثقه والجوع خديديم أجواد ودك ياطا كل زنقه ليت أن الفقر يشاورني كان ادهك به كل فسقه كان ادهك به عير فسقان عقب الصمعا صلف نهقه! فقد شبه الذي لا يشكر الله عز وجل على نعمة ولا يؤدي ما يجب عليه بل يصاب بالغرور والبطر، شبهه بالحمار حين يأكل نبات (الصمعى) وهي طبق الحمار المفضل، فإنه بعد ذلك يرفع صوته بالنهيق، وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير.