الدكتور عدنان بن عبد الله الشيحة من أفضل الأقلام التي تهتم بالشأن العام في صحفنا المحلية، وهو إضافة إلى ذلك أستاذ مشارك في جامعة الملك فيصل فضلاً عن أعمال قيادية أخرى. ولأنني متابع جيد للطرح الجاد والعقلاني للدكتور الشيحة فقد استغربتُ مقالته حول النظام الجديد لمكافآت أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية. بدا لي بوضوح أن الطرح كان غاضبا وعاطفيا، إذ استخدم الدكتور عبارات مثل "أوضاع أعضاء هيئة التدريس بائسة ومحبطة" و"اشتراطات معقدة مبهمة هلامية صعبة التنفيذ" و"رواتب الأعضاء متدنية ليس مقارنة بزملائهم في منطقة الخليج ولا حتى بالمنطقة العربية بل لا تفي بالحد الأدنى من المستوى المعيشي الذي يصل إلى حد الكفاف". لولا الخوف من الإطالة لأوردت كثيراً من العبارات التي فيها من المبالغة ما يتنافى مع الطرح الجاد الذي تعودناه من كاتبنا الكريم. دعوني أبين أولاً أنني أرى إن كادر أساتذة الجامعات فعلا غير عادل وان من الواجب تصحيح الخلل بزيادة الراتب الأساسي. إلا أن أساتذة الجامعات ليسوا الوحيدين الذين يعانون من ضعف وعدم عدالة كادرهم. موظفو الدولة عموما كادرهم اقل عدالة من الكادر الجامعي. بدليل أن حامل درجة الدكتوراه في القطاع الحكومي وهو يماثل تأهيلا أستاذ الجامعة يعين على المرتبة التاسعة براتب يقارب السبعة آلاف ريال. هناك من يجادل بأن مستوى الأجور في القطاع العام ككل بما فيه أساتذة الجامعات منخفض بسبب تدنى الإنتاجية التي نتجت بدورها عن انعدام الحوافز التي تميز بين من يعمل ويبدع، وبين من يؤدي واجبه في حده الأدنى. وهناك من يجادل أيضا بأن القطاع الخاص لا يترك للقطاع العام فرصة للاحتفاظ بالموظف الكفء، فيعرض عليه حوافز لا تستطيع البيروقراطية منافستها، فتكون النتيجة أن من يبقون في القطاع العام هم من لم يحصلوا على فرصة أفضل في أي مكان آخر. إذا كانت وجهة النظر هذه منطقية فإن النظام الجديد للمكافآت من شانه أن يمنح الجامعات القدرة على الدفاع عن كوادرها المؤهلة في وجه أطماع القطاع الخاص. أعضاء هيئة التدريس في الجامعات في النهاية ليسوا استثناء عن بقية موظفي الحكومة. فالذي يعمل بحرص على إدارة وتنمية مدخراته سيجني في النهاية ثمرة جهده أما الذي يستكين للراتب، مهما كبر، فلا يتوقع له تحقيق طموحه وتكوين نفسه.. انتهت المساحة وللحديث بقية.