الآن.. أكتب لكم مع طلة نهار، مع ومضة نور، ترسلها أشعة شمس تطلع. تشرق. تضيء. آه.. كم أحب تلك الساعة من الزمان. إنني أشعر بروحي خفيفة، وطاقاتي خفيفة، تنطلق، تسبح عبر خيوط أضواء وخطوط آفاق تبرق تبهج، تثير..!. حمداً لله وشكراً لله.. آه.. كم هي رائعة بديعة هذه الحياة! وكم هي يانعة زاهرة تلك اللحظات التي يخلو فيها الإنسان الى نفسه، فيستمتع بحديث نفسه مع نفسه، ويستمرئ ما يدور في خلده من خواطر وخلجات. ياالله.. ما أسمى ساعات الصفاء، وما أبهى لحظات النقاء، حين ينشرح الصدر، ويرق القلب، ويروق للروح حديث الذات للذات. .. وها أنا أقدم لكم لمحة من مناجاة نفسي لنفسي، خلال حوار حميم دار بين حنايا روحي، وجدران قلبي.. @ بالتجربة، أيقنت أن لا شيء في الدنيا يعدل الاحساس العميق بالحب، الحافل بالشعور الزاخر بالرضا والسرور بين حنايا روحي وجدران قلبي والسرور بنعمة الحياة فقد اكتشفت ان قدرات الإنسان أكبر وأقوى من أن تقهر او تهزم حيال موقف صعب، او أزمة عارضة ألمت به به يوماً فآلمته واوجعته. @ بالتجربة تعلمت ان الشعور الإنساني يقدر كما يحس الحزن الحارق، أن يحس الفرح الخالص الذي ينبع من أعماق النفس الى القلب، حيث يقطن، ويسكن، ويعيش. @ بالتجربة، عرفت انه بالحب والتعاطف والتراحم، نستطيع ان نحيا أحلى حياة، وأن ننعم بلمحات أحاسيس إلهية، نورانية، تمنحنا القدرة لأن نسعد من سعادة الآخرين بتواجدنا معهم بمشاركتنا لهم حياتهم. بإحساسنا بمسؤوليتنا تجاههم باهتمامنا بمشاكلهم وحرصنا على تقليص حجم همومهم ومتاعبهم بمنحهم المزيد من العناية، والمتابعة، المحفوفة بالحب والخير والرخاء. @ بالتجربة، فهمت ان الشمس هي الشمس، تطلع.. تغرب.. تغيب.. والأرض من حولها تدور وتدور، الحياة تمضي، وتمضي، وتستمر، وتستمر، والشمس تطلع وتغرب وتغيب.. ما تلبث ان تطلع.. وتشرق.. تضيء. @ بالتجربة، أدركت أن قدرة الله سبحانه وتعالى فوق كل الأشياء والمسميات. وآمنت بأن نور الله سبحانه وتعالى ينير الدنيا كلها وبضيائه تشرق الحياة وبفضله عز وجل يتحرك الكون حولنا، وبعظمته لا إله إلا هو تتدفق فينا الحياة وأي حياة! حياة آمنة وادعة، تعمها القناعة والسكينة، وتسودها الراحة والطمأنينة، تلك التي يتسق إشعاعها مع خلجات روحنا، وخفقات قلوبنا، وشحنات شعورنا، تلك التي تتغير وفقاً لمعطيات المنهج الرباني الذي تتغير به ومعه الدنيا كلها.. والكائنات جمعاء. وبعد تلك التجارب التي علمتني الكثير من أسرار الحياة، أستطيع أن أقدم لكم حقيقة مضيئة أقتنع بها بشدة يسرني أن أقدمها لكم بحب وإخلاص ويقين. @ الحياة ليست بعدد الأيام ولا عدد السنين. الحياة بعدد المشاعر والأحاسيس المفرح منها والحزين. فالحياة ليست الا شعور الإنسان بالحياة. وهذا الشعور العميق بالحياة يتضاعف ويتكثف. ويظل يتضاعف، ويتضاعف، ويتكثف حين نحس نحن بالآخرين، حين نقدر شعورهم. حين نحترم احساسهم، حين تتضاعف إحساسنا بهم. حين نقدر مدى تعلقهم بنا ومدى توقعهم منا. هكذا تتضاعف حياتنا. وهكذا تضاعف الحياة ذاتها. آه.. حمداً لله، وحمداً حقاً.. ما أروع وأبدع ان نحيا حياتنا بروح الحب والتفاؤل والأمل، وروح الشكر والرضا والعمل.. والعمل من أجل رضا الله سبحانه وتعالى وشكره على السراء والضراء، وعلى ما حبانا به من قلب يعمر بالخير والحب والرجاء. قلب لا ينقطع عن ذكر الله والرضا بما قدر وشاء. وفي الختام، يسرني ويشرفني ان أنقل لكم حقيقة أخرى علمتها، وهي أن الشكر لله تعالى لا يقتصر فقط على اللسان، فهو يتعلق ايضاً بالقلب والجوارح، فالشكر بالقلب هو قصد الخير وإضماره لكافة الخلق. اما الشكر بالجوارح فهو يعني استعمال نعم الله تعالى في طاعته والتوقي من الاستعانة بها على معصيته، فشكر العينين يتأتى بأن تستر كل عيب تراه لمسلم، وشكر الأذنين يتبدى بأن تستر كل عيب تسمعه، فيدخل هذا في جملة شكر نعم الله تعالى بهذه الأعضاء. اما الشكر باللسان فهو لإظهار الرضا لله سبحانه وتعالى وذلك بذكر التحميدات الدالة عليه. فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل: (كيف أصبحت؟ قال: بخير.. فأعاد صلوات الله عليه السؤال حتى قال في الثالثة: بخير.. أحمد الله وأشكره.. فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: هذا الذي أردت منك). المدينة المنورة