كلمة ولا أحلى، ومفردة ولا أبهى، نبحث عنها في كل مكان ونسعى حثيثا إليها، ونستميت للوصول لها، ولكننا ويا للأسف الكثير منا لا يعرف معناها، ولا يجدها؟! بل لا يهتدي إليها!! إما لعلة بنا، أو لقصور فينا، أو لنزعة الأنا تتملكنا؟! وكم تفسد تلك الأنا علينا حياتنا وتنغص علينا كذلك أيامنا وليالينا؟! أجل والسعادة كينونة وحقيقة تعيش معنا، وتحيا بيننا، وتسكن أعماق قلوبنا ولكن هيهات هيهات ندركها ونركب مطاياها دون كد وجهد ومض ونبض. فالسعادة كلمة مدلولها جد عظيم ومفرداتها كريمة، وليتنا نتعرف عليها، ونحيط بها، وندرك مكنونها ومفرداتها، ونستكشف حقيقتها لنحظى بما يفرشه علينا ظلالها من منن، وننعم بما يظللنا به فحواها من سرور وهناء. فالسعادة رضا واطمئنان، ويقين وإيمان، ورقي بالنفس، وتألق بالروح، وعطاء من مداد الفؤاد لترفرف الروح بالخير، وينبض القلب بالبر، وتشرق النفس بالإحسان. ليرقى المرء منا إلى أحسن حالاته في علاقاته، وتعاملاته، في أشواقه، وتطلعاته. أجل والله هو ذاك. فالسعادة قصر منيف نبنيه داخل ذواتنا، وكياننا، قصر نرصفه با لرضا واليقين، ونبنيه بالمشاعر والأحاسيس، ونرفع دعائمه بالحب والبر. يكون لنا كما نريده أن يكون بعطاءاتنا، وبذلنا، بمشاعرنا، وعواطفنا، لنخضب حياتنا بالخضرة والجمال بمداد قلوبنا فيه، ونجعل حياتنا رحابا وقصورا بسعة صدورنا به لنلقي ما يعتامنا من كدر الحياة ومنغصاتها لنكحلها بنبض حنايانا وجمال أرواحنا فيتسع لدينا الأفق والمدى. أجل نشعل قناديل الحياة بسكب الألق والنور في مشاعرنا لنجعلها شموسا في أيامنا، وبدورا في ليالينا لنصنع السعادة بجوارحنا وأحاسيسنا ويا لها من تطلعات نرقى ونسمو إليها ونحلق في فضاءاتها. أجل السعادة قصر منيف، جدرانه القلوب والمشاعر، وأرضيته اليقين ونور البصائر، وركائزه الإحسان وروائع النبض مسكوبا بجميل الفكر والخواطر. هو بيت حسي فسطاطه الأحاسيس والصفاء، وأروقته النبل والوفاء، أسه التعامل الراقي بحب وصدق، وود وبشر. هذا البيت الجميل يفسده الحديث عن كدر الماضي، والخوض فيه، ويؤنسه الصفح والعفو، ويسعده النبل والفأل، هو بيت لا يعرف النكد ولا محل فيه للغضب، وليس للغيبة والنميمة فيه وجود، لا يعرف الغل والحقد أبدا، ولا يقربه البغض والظن، معافى مبرأ من العيوب، وإن كان حصل ولا بد فالحكمة والعقل والحلم والأناة، واليقظة الدائمة تقطع سبل الشيطان إليه، وتسده عليه فما أجله وأجمله من بيت مزدانا دائما بالحلم والأناة، ومكتحلا دوما بالبر والحب، يجمله الصبر واليسر والإيمان والإحسان. د. محمد إياد العكاري