من الطبيعي نشر خبر عن برنامج لتيسير الزواج للشباب في صفحة، وفي الصفحة المقابلة خبر آخر عن مواطن ستيني يتزوج من طفلة لم تبلغ العاشرة من عمرها. هذه الحالة تكررت 4مرات في شهرين. هل زواج كهذا يعتبر حدثاً سلبياً؟ في السابق، لا. اليوم، نعم. كخبر زواج الستيني من طفلة، وتحول المناسبة إلى معاملة ينظر فيها القضاء، قد لا ينزل إلى مستوى أخبار الحوادث عامة، ولكنه بات قضية تثير الاشمئزاز اليوم. ما كان عادياً وتحول إلى أمر مرفوض، لا يقتصر على الزواج من الأطفال فقط، بل يمتد إلى مواضيع أخرى، بعضها أعطي صبغة دينية، كي لا ينفك من الالتزام به، ويبقى لزاماً دينياً، وهو في أصله شأن اجتماعي. وفي مجال آخر، ما هو متعلق بالفقه والعلم والتقنية، كاعتماد رؤية الهلال بالعين المجردة أو بالمنظار، بعد أن طالعنا مفتي عام البلاد برأي جديد، هو إجازته لرؤية الهلال بالمنظار، وفق ما نشرته صحيفة "الوطن" السعودية الأحد الماضي. وقصص الزواج من صغيرات السن المتكررة في مجتمعنا السابق، بدأت في النقصان عدداً، إلى درجة أن العريس ووالد العروس سيجدان نفسيهما وقد تحولا إلى ملف تتناقله جمعية حقوق الإنسان السعودية ومحكمة مدينتهما وصحافة بلادهما. والسؤال اليوم، هل يقبل ولي أمر بتزويج ابنته ذات العشرة أعوام، سواء لشاب عشريني أو ثلاثيني، ناهيك عن أبناء الجيل السابع؟ بشكل عام، هذا أمر لن يقبله مواطن في عصرنا الحديث، حتى الملتزمون دينياً. وذلك لسبب بسيط؛ أن الزمان تغير، والحال تبدل، وما كان شائعاً إلى وقت قريب، هو اليوم تصرف غير لائق. بل يمتد إلى وصفه بجريمة بحق الإنسانية. وهنا، أقصد الإشارة إلى متغيرات الزمان والمكان في مختلف صنوف الحياة. لعلنا ننظر إلى القضاة الملتزمون بالشريعة وقد حكموا في حالات عدة بفصل زوجين لفارق السن بينهما. هذا سبعيني وهذه مازالت طفلة، مع توبيخ ولي أمرها لقبوله هذه الزيجة. هذا من دفاتر القضاة في السعودية وليس في غيرها. وفي ذلك إقرار بمتغيرات الحياة. .. وعلى ذلك يجوز النظر في أشياء كثيرة نرفض تبديلها، لمجرد أننا "ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين". ومن هنا، نستطيع إقناع العالم بأن ديننا صالح لكل زمان ومكان، بما فيه من مرونة التفسير، وتفاعله مع حقوق البشر، وتقبله لمستحدثات العلم.