إن المتابع لما تقوم به الهيئة السعودية للمهندسين ليقدر للقائمين عليها جهودهم المتواصلة لتطوير صناعة الهندسة في بلادنا والرقي بأخلاقياتها من جميع الجوانب وحماية هذه المهنة الدقيقة والمهمة جداً، والرفع من المستوى المهني للمهندسين ولعل من آخر هذه النشاطات التي وجب ان تذكر فتشكر للهيئة ما صرح به مسؤولو الهيئة في المؤتمر الصحفي الذي عقد منذ فترة بمناسبة تدشين ميثاق المهندس وقواعد أخلاقيات ممارسات المهنة برئاسة رئيس مجلس إدارة الهيئة الدكتور الفاضل عبدالرحمن الربيعة حيث أكد مسؤولوا الهيئة عن قرب الانتهاء من اعداد كادر جديد وسلم لرواتب المهندسين وذلك بالتنسيق والدراسة مع وزارة الخدمة المدنية. وسوف يتم اقرار هذا الكادر والعمل به بعد الموافقة عليه في غضون الشهرين القادمين من تاريخ ذلك المؤتمر. ولا يخفى على ذي لب ان صدور مثل هذا الكادر سيكون له مردود ايجابي كبير بإذن الله تعالى من عدة جوانب ومنها تشجيع المهندسين وتحفيزهم لبذل قصارى جهدهم في إنجاز الأعمال على أكمل وجه وكذلك الحد من تسرب الكفاءات الهندسية إلى القطاع الخاص. كما ان صدور مثل هذا الكادر أسوة بالمهن الأخرى ككادر الأطباء يعد تحولاً جذرياً لرفع من المستوى المهني والمعنوي للمهندسين في بلادنا الغالية ولطالما انتظر المهندسون كادراً يخص هذه المهنة التي لا تقل أهمية عن المهن المهمة كالطب التي حظيت باهتمام المسؤولين منذ فترة طويلة ولا يزال مستمراً، علماً بأن الرفع من المستوى المهني للمهندسين قد يكون في معظم الأحوال أهم بكثير من باقي المهن، فلا يمكن مقارنة خطأ هندسي في تنفيذ بناية أو جسر قد يؤدي بحياة كثير من الأرواح لا قدر الله بأي خطأ طبي مثلاً، ومن هنا يتبين وبشكل جلي أهمية الالتفات لهذه المهنة الدقيقة والتي تمس حياة الجميع وضرورة إعادة النظر في الوضع الراهن وسرعة تطبيق هذا الكادر الذي وكما ذكرت آنفاً سيكون له مردود ايجابي على مهنة الهندسة والمهندسين. ولكي يكون هذا الكادر مبنياً على أساس علمي صحيح فقد قامت الهيئة مشكورة بدراسة مستفيضة بالتعاون مع بعض القطاعات لوضع أسس ومعايير لمزاولة المهنة الهندسية وأصدرت مؤخراً نظام التقييم المهني للمهندسين تحت اسم "قواعد الاعتماد المهني للمهندسين". ولما لمسته من بعض القائمين على هذه القواعد من منسوبي الهيئة بعد الاطلاع عليها ومناقشتهم فيها من الرغبة الأكيدة لديهم والترحيب بأي ملاحظات حول هذه القواعد، ولأن أي عمل بشري مهما اجتهد البشر في اتقانه لابد ان يعتريه شيء من النقص لذا فإني أورد هنا بعض ما وجدته من الملاحظات على تلك القواعد: أولاً: التقسيمات المهنية للمهندسين الواردة في نماذج الاعتماد المهني للمهندسين: أرى ضرورة إعادة النظر في التقسيمات أو التصنيفات المطروحة من قبل الهيئة وذلك لعدة أسباب منها: 1- مهندس: الحصول على تصنيف مهني باسم مهندس فور التخرج من الجامعة ومباشرة العمل قد لا يكون هو الأفضل ولعله من الأنسب ان يعطى تسمية توضح أنه لا يزال في مرحلة التأهيل للحياة العملية بعد الدراسة الأكاديمية كتصنيفه (بمهندس مبتدئ) أو (مهندس تحت التدريب) مثلاً، إلى ان يستطيع وبشكل مناسب ممارسة الحياة المهنية وبالشكل الذي يمكن الاعتماد عليه. فمن المعلوم لدى الكثيرين ان المخرجات التعليمية لدينا وللأسف لم تصل إلى المستوى الذي يعكس الواقع العملي وهناك ضعف شديد في الربط بين الحياة الأكاديمية والواقع العملي واقتراح تصنيف الموظف حديث التخرج من كلية الهندسة بمهندس مبتدئ أو حتى مساعد مهندس هو أسلوب معمول به في كثير من بلدان العالم. لذا فإني لا أرى تصنيفه بالمهندس فور تخرجه ولو على المستوى المهني على الأقل فهذا الأمر ليس على اطلاقه فهناك بعض الدوائر بل كثير من الدوائر يوكل لحديث التخرج من كلية الهندسة أعمالاً ومسؤوليات قد لا يفقه فيها كثيراً وهذا أمر مشاهد ولا يحتاج إلى كثير بحث. 2- مهندس مشارك: هذه التسمية وان كانت مناسبة في التصنيفات الأكاديمية (كدكتور مساعد ودكتور مشارك). إلا أنني لا أرى أنها مناسبة في التصنيف المهني للمهندسين حتى وان كانت ترجمة هذه التسمية معمولاً بها في الغرب باللغة الإنجليزية (Associate Engineer) لأنه من المفترض ان تعكس لنا هذه التسميات من الناحية اللغوية الواقع العملي والمستوى المهني للمهندس وأرى ان هناك من التسميات ما هو أنسب لغوياً وأكثر ملامسة للواقع وتعكس الدرجة أو المستوى الفني والمهني للمهندس بشكل أفضل وسيتم ذكر ذلك لاحقاً. 3- مهندس محترف: حصول المهندس على درجة (مهندس محترف) في مدة زمنية قد لا تزيد على الأربع سنوات كما هو موضح في نماذج قواعد الاعتماد المهني للمهندسين لأمر يحتاج إلى إعادة نظر وقد يفقد هذه التصنيفات المهنية المهمة جداً للرفع من المستوى المهني للمهندسين والتي بذلت فيها الهيئة الهندسية مشكورة من البحث والدراسات الشيء الكثير قد يفقدها صدقيتها ومدى دقتها وقيمتها المهنية على المستوى الواقعي لدى أصحاب المصلحة لأن هذه المدة تعتبر قليلة جداً لحصول المهندس على تصنيف مهندس محترف. ثانياً: التصنيفات أو الدرجات المهنية المقترحة.. (مهندس مبتدئ، ثم مهندس، ثم مهندس أول، ثم مهندس محترف، ثم مهندس مستشار أو مستشار فني). ولكي يكون المهندس مؤهلاً للحصول على التصنيف المهني المطلوب هناك شرطين رئيسيين: أولاً: المدة الزمنية. ثانياً: المتطلبات والاختبارات اللازمة. 1- مهندس مبتدئ (مهندس تحت التدريب): يحق للموظف المتخرج بدرجة بكالوريوس من كلية الهندسة الحصول على هذا التصنيف المهني فور مباشرته للعمل. 2- مهندس: يحق لخريج كلية الهندسة وبعد مضي مدة زمنية لا تقل عن سنتين من الممارسة الفعلية للمهنة تحت تصنيف مهندس مبتدئ التقديم للحصول على تصنيف مهندس وتعبئة النموذج الخاص بذلك شريطة ان يستوفي المتطلبات واجتياز الاختبارات المهنية الخاصة بهذا التصنيف. 3- مهندس أول: يحق للمهندس بعد مضي مدة زمنية لا تقل عن (8) سنوات من الممارسة الفعلية للمهنة تحت اسم (مهندس) التقديم للحصول على تصنيف (مهندس أول) وتعبئة النماذج الخاصة بذلك شريطة ان يستوفي المتطلبات ويجتاز الاختبارات المهنية الخاصة بهذا التصنيف. 4- مهندس محترف: يحق للمهندس بعد مضي مدة زمنية لا تقل عن (5) سنوات من الممارسة الفعلية لمهنة الهندسة تحت اسم (مهندس أول) التقديم للحصول على تصنيف (مهندس محترف) وتعبئة النماذج المهنية الخاصة بذلك شريطة ان يستوفي المتطلبات ويجتاز الاختبارات المهنية الخاصة بهذا التصنيف. 5- مهندس مستشار أو (مستشار فني) أو (كبير مهندسين): يحق للمهندس بعد مضي مدة زمنية لا تقل عن (10) سنوات من الممارسة الفعلية لمهنة الهندسة تحت مسمى (مهندس محترف) التقديم للحصول على تصنيف (مهندس مستشار) وتعبئة النماذج المهنية الخاصة بذلك شريطة ا ن يستوفي المتطلبات ويجتاز الاختبارات المهنية الخاصة بهذا التصنيف. ثالثاً: آلية تطبيق التصنيفات المهنية للمهندسين.. أود التأكيد على ضرورة استيفاء المتقدم للحصول على التصنيف المهني المطلوب لجميع المتطلبات والشروط من الاختبارات المهنية اللازمة والحصول على التدريبات والشهادات المهنية المناسبة مثل (PMP) أو (CAPM) حسب الدرجة المهنية المتقدم لها وكذلك اجتياز المقابلات الشخصية. على ان يعتمد مستوى هذه الشروط والمتطلبات على مستوى التصنيف المهني المطلوب، فأرى أنه كلما زادت درجة التصنيف كلما استلزم الأمر درجة أعلى من التقييم وبشكل أكثر دقة ومهنية وقد ذكرت النماذج المطروحة من قبل الهيئة شيء من ذلك ولكني أرى ان الأمر يحتاج إلى تقييم بشكل أكثر تفصيلاً خاصة في ظل التصنيفات الجديدة المقترحة في هذه الدراسة. كما أرجو من القائمين على هذه القواعد المهنية ان يتنبهوا إلى أنه من المهم جداً الفحص والتدقيق واستيفاء الشروط والمتطلبات اللازمة قبل منح المهندس تصنيفاً مهنياً معيناً والتأكد من أهليته المهنية للحصول على ذلك التصنيف وعدم التساهل في ذلك منذ بداية تطبيق هذا النظام لتحقيق الأهداف المنشودة من قبل هيئة المهندسين عندما طرحت هذه التصنيفات والقواعد المهنية ومن أهم هذه الأهداف الرفع من المستوى المهني الفعلي للمهندسين، والتساهل في عمليات منح هذه التصنيفات المهنية قد يفقدها المصداقية المنشودة، والفكرة التي تتكون لدى أصحاب المصلحة منذ بداية تطبيقه هذه التصنيفات أو القواعد من الصعب جداً تغييرها فيما بعد فلو تساهلنا في البداية بمنح هذه التصنيفات المهنية قد يتسبب ذلك في فقدان هذه القواعد المهنية الهامة والهامة جداً في صناعة الهندسة والرفع من المستوى المهني للمهندسين قد يفقدها الأهداف الرئيسية المنشودة من وراء تطبيقها. رابعاً: تسمية النماذج.. اقترح تسمية نماذج التقويم ب (قواعد التصنيف المهني للمهندسين) بدلاً من (قواعد الاعتماد المهني للمهندسين). @ مستشار فني بالبرنامج السعودي للخزن الاستراتيجي