وصفه المرزباني في معجم الشعراء بأنه شاعر مفلّق وقال عنه الآمدي شاعر محسن كثير الذب عن قومه وقد عاش هذا الشاعر في آخر عهد الدولة الأموية. وذكر أبو الفرج الأصفهاني شيئا من أخباره في الأغاني، ولو أردنا أن نعرف عن قرب طرف من أخباره وشعره وموطنه باستطاعتنا أن نقول: هو القحيف بن حمير بن سليم الندى بن عبدالله بن عوف بن حزن بن عمرو بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وجاء في جمهرة انساب العرب لأبن حزم الأندلسي عن نسب عقيل هذا جد الشاعر حيث ذكر هؤلاء بنو عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ولد عقيل بن كعب ربيعة وعامر وعبادة وعوف وعبدالله ومعاوية ومن ولد عوف بن عقيل الذي ينتسب إليه شاعرنا القحيف. قال عنه الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في كتابه "مع الشعراء" ان الشاعر القحيف عاش ومات في بلاده العقيق وادي الدواسر حاليا وان ماذكره ابن المرزباني من أن القحيف شاعر كوفي غير صحيح كما يرد كثيرا في نسبة شعراء من جزيرة العرب نفسها إلى جهات بعيدة عن موطنهم كالبصرة والكوفة وبغداد وغيرها من البلاد العربية. معللا الجاسر أن هذا ينشا عن رواة أشعارهم يكونون من أهل هذه البلاد أو أن بعضهم قد يفد عليها فينسب إلى البلدة التي وفد إليها أو عرف عن طريق رواتها. انتهى. بيد إني أرى ويرى غيري ومن سبقوني من المؤرخين كمؤلف كتاب تاريخ الافلاج وحضارتها عبدالله الجذالين رحمه الله أن الشاعر القحيف ليس من بلاد العقيق وادي الدواسر أو من الكوفة والبصرة كما ذكر ابن المرزباني وتدل على ذلك موطن الشاعر من قصائده التي رويت وقيلت عنه ولعل شيخنا الجاسر رحمه الله يستدل ببيت شاعرنا القحيف يريد العقيق ابن المهير ورهطه ودون العقيق الموت ورداً واحمرا وكما هو معلوم أن قبائل تلك المنطقة في ذلك العصر من الافلاج حاليا إلى وادي الدواسر أو كما يسمى العقيق قديما من عقيل وبني جعده وبني قشير والحريش وهم ابناء كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وقد ذكر الشيخ الجذالين القحيف في موسوعة بحثه عن الافلاج وحضارتها القديمة والحديثة وعرّف بشاعريته وانه عاش في زمن الدولة الأموية وأدرك الدولة العباسية وامتاز شعره بالحماسة والرثاء واشترك مع بني كعب في يوم الفلج وسجل بعض تلك الأحداث في شعره وذلك من قوله: سقى فلج الافلاج من كل قمة ذهاب ترويه دماثا وقوّدا وقد كان في بداية شبابه يسكن قرية الروقية الأثرية في وادي أكمه بلدة الأحمر حاليا بالافلاج وكان يتردد إلى شعاب من الشعاب القريبة من الروقية يخلو بنفسه فسمي هذا الشعب "شعب القحيف" ولاتزال هذه التسمية باقية إلى يومنا هذا. ومما يدل على أن هذا الشاعر نشأ وترعرع في بلاد الافلاج قصيدته في يوم النشاش : تركنا على النشاش بكر بن وائل وقد نهلت منها السيوف وعلّت وبالفلج العادي قتلى إذا التقت عليها ضباع الغيل بادت وظلّت والفلج المذكور هي مدينة الافلاج حاليا والغيل هي بلدة أثرية حملت هذا الاسم من قديم الزمان حتى يومنا هذا وتبعد عن الافلاج بمسافة 35كلم وكانت تسكنها بنو جعده قديما وبها جبل التوباد الذي كان يرتاده قيس ابن الملوّح الذي ذكره قيس في قصائده: وأجهشت للتوباد حين رأيته وكبر للرحمن حين رآني والقحيف العقيلي هو القائل في يوم "أكمه": سلو فلج الافلاج عنا وعنكم وأكمة إذ سالت سرارتها دما وقد ترجم أشعار القحيف العقيلي المستشرق المعروف فريتس كرنك والى اللغة الانجليزية ونشرت في مجلة (the journal the royal 1931) ووضع مقدمه باللغة الانجليزية عن حياة الشاعر وبعض أخباره ومصادر شعره وترجم الشعر فجاءت المقدمة في 9صفحات ووقعت المقطوعات في إحدى وعشرين صفحة. إذن نستشف مما ذكرنا من مصادر الشعر التي قيلت أن الشاعر القحيف قوي التركيب في شعره متراص الجمل وبلاغته منتقاة وواضحة وجلية ومكثر في شعر الحماسة والافتخار بقومه وان موطنه الأصلي بالقرب من وادي أكمه بلدة الأحمر حاليا والتي تبعد عن مدينة الأفلاج بنحو 65كلم متنقلا بين بلداتها الغيل وأوديته وشعابه نسبة إلى الشعب الموجود حاليا باسمه وهو واد تكثر فيه أشجار الطلح والسلّم والسمر.