تابعت بأريحية كغيري ما كتبه الاستاذ الصديق محمد الحمدان في الرصيفة جريدة الجزيرة عن رحلة قام بها مع بعض من أصحابه رفقاء الرحلة تجاه الجنوب الغربي من هضبة الوسط (نجد) حيث منحدرات الأودية السروية والتي نشرها يوم الثلاثاء 22 شعبان 1431ه ومن ثم أعيد نشر ما يهمني وهو الحلقة الثانية يوم الخميس من شوال 7/9/1431ه حيث تحدث عن بعض المواقع ذات التأثير المكاني كا(الدخول وحومل والهضب وبيشه) والهضب هنا هو سلسلة الجبال الحمراء الواقعة عند منقطع المرتفعات وبداية الصحراء من ديار جرم وبني عامر بن صعصعة وخاصة عقيق جرم عقيق عقيل او وادي الدواسر مؤخراً وهذا الوادي في الأساس ليس وادياً أو لعله نهاية وادي تثليث فهو إذا عقيق منخفض بين الرمال ويجتمعا بالقرب منه في المختمية الواديان العملاقان تثليث وبيشة وكذلك وادي رنية بعد أن يرفده وادي الخرمة، وبيشة وتثليث حوضان ملفتان لا تتجه وادي ولا شعب ولا مفيض من الجنوب الغربي إلا ويصب في هذين الحوضين وهما في الأساس من منطقة الحجاز هكذا قال من حدد جغرافية الجزيرة العربية حيث قالوا : الحجاز من عقبة أيلة إلى تثليث.. أما خصوصية تلك المنطقة فهي كانت المكان الأنجع منذ الجاهلية الاولى حيث الأشجار والنباتات الكثيفة كالسمر والسلم والطلع والسدر والسرح والكتاد والمرخ والعشر والعوشز وكذلك ما يتعلق بالأعالي من الثمام والثغام والساف وغيره والناس فيما مضى يعتمدون على الماشية وخاصة الابل والأغنام والخيول والحمير والأرض المريعة هي المؤثرة فيهم ولهذا تجد ان الوقائع الفاصلة أودعنا نقل ما خلدته الشاعرية العربية قريبا من هذين الحوضين كذلك ما عرف بالقبائل أو بثقلها المعدود والحديث يطول في هذا الجانب. وقد ذكرني أبو عبدالله وقيس في حديثه ذاك عندما تحدث عن (الدخول وحومل) التي ورد ذكرهما في شعر امرىء القيس، وعندما ذكرت ابنيه ولم اقتصر على احدهما كالعادة فلأنه لا يرضى إلا بذكر الأثنين كذلك اياك أن تقول له محمد عبدالله الحمدان بل لا بد ان تقول محمد بن عبدالله هكذا نبه وأكد ورفع صوته بالأدلة التي يعتمدها، لهذا أقول امرؤ القيس بن حجر الكندي شاعر العربية المتقدم من سلالة ملوك العرب في زمنه (بنو آكل المرار) والذي نصبهم التبع اليماني في القرن الخامس الميلادي وقد عمرت مملكتهم طيلة ألف سنة وانتهت في القرن السادس الميلادي، والقرن السادس من القرون الفاصلة وقد كانت عاصمة بني آكل المرار تسمى (قرية) وقرية هذه هي التي ذكرها شيخ الضياغم شهوان عند انحداره حيث يقول : وليلة وردنا القرية الجاهلية مياحها ما يستمع لمناد وتقع جنوبالوادي وشرق وادي تثليث ولعل (الفاو) الموقع الذي وجد فيه بقايا من المعدات والآثار والتماثيل المدهشة من بقاياها على العموم فتلك المنطقة قريبة من التجمع الطبيعي كما اشار الاستاذ محمد وهو المتابع الثقة فأبناء آكلي المرار كانوا ملوكا على القبائل المحاذية لمملكة كندة من العدنانية وعندما انتهت مملكتهم دخل العديد من كندة فيما حولهم بالحلف ك (قبيلة الصعق) في هوازن وعندما نقول هوازن فاننا نعني قيس عيلان، وقبائل العرب منذ القدم متداخلة بالحلف أو بالانزياح أو بهما جميعا و(الدخول وحومل) التي أشار اليها والواردة في شعر امرىء القيس كما سلف هنالك وبتحديد الوصف هما مثلان لا يبعد ما بينهما سوى 25 كيلاً تزيد قليلاً، والدخول هضبة حمراء شبه مستقلة تبعد عن (الركاء) الى الجنوب الغربي 20 كيلاً، اما (الحمل والحميل) فهما شعبان بكسر الأول وسكون الثاني مثنى شعب شمال شرق الهضب وأهل الجزيرة لا يجهلون ذلك اما ان تنقل هذه الأعلام البعيدة عن بلاد كندة وعن ما تضمنت المراجع فهذا شأن لا سند له وعندما أوضح ذلك بالخبرة والرؤية المتكررة فإن الاستاذ الكاتب أعلم وأدق في هذا الامر لكثرة رحلاته واطلاعه، بقي أن اوضح ان الحمدان رجل خدم التراث الفولكلوري او الشعبي في هذه البلاد وقدم ما يشكر عليه وقد كانت معرفتي به مبكرة ونعم المعرفة حيث كان في طريقي عندما اذهب الى الصحيفة التي كنت أتعاون معها حيث كان يسكن في حي البعيدة ومكتبته مكتبة قيس مشرعة الأبواب للباحثين والمطلعين أما امينها والقائم عليها فهو ذلك الانسان القريب من الكل وليس هذا من باب المقارضة ولكن هذا ما استقر في الذهن، تحياتي ومزيداً من العطاء يا أبا قيس وعبدالله.