صعدت الولاياتالمتحدة ضغوطها الخميس على روسيا لانهاء النزاع مع جورجيا وسط اتهامات بان القوات الروسية تقوم بتخريب اهداف عسكرية قبل الانسحاب المتفق عليه. من ناحيته استبعد وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس بشدة استخدام القوة العسكرية في النزاع وحذر من ان العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا قد "تتاثر سلبا" لسنوات مقبلة اذا لم تعدل موسكو "موقفها الهجومي وعملياتها". وفي تاكيد على "التاثيرات الكبيرة" للنزاع على علاقات الامن الروسية الاميركية، قال غيتس كذلك ان على روسيا ان تتوقع "عواقب" لهجماتها على جورجيا. وفي جورجيا سمع صوت سلسلة من الانفجارات حول بلدة غوري التي تسيطر عليها القوات الروسية وذكر مسؤول اميركي في واشنطن ان القوات الروسية تقوم بتخريب منشات عسكرية جورجية اثناء تحركها في البلاد. وصرح متحدث باسم وزارة الداخلية الجورجية ان القوات الروسية "تدمر" غوري وتزرع الالغام كما تقوم بهدم البنى التحتية العسكرية في ميناء بوتي على البحر الاسود. وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الجورجية تشوتا اوتياشفيلي لوكالة فرانس برس ان حوالى 130مدرعة روسية خرجت الخميس من مدينة زوغديدي غرب جورجيا وبدأت التوغل اعمق في الاراضي الجورجية. وقال المتحدث "غادرت 130آلية مدرعة زوغديدي وهي تتوجه نحو كوتايسي" مضيفا انها "وصلت في الوقت الحاضر الى خوبي" على مسافة 20كلم جنوب زوغديدي. وكوتايسي هي ثاني اكبر مدن جورجيا. وفي مواجهة الدبابات والعربات المدرعة الروسية، انسحبت القوات الجورجية الى مواقع على طول طريق مؤد الى غوري، في الوقت الذي تبين ان التوقعات بانسحاب القوات الروسية من المدينة الاستراتيجية كانت مبكرة اكثر من اللازم. واصبحت المدينة الواقعة بين تبيليسي والمدينة الرئيسية في اوسيتيا الجنوبية، مركزا لمعركة الارادات بشان وقف اطلاق النار الذي تم بوساطة فرنسية. ويشتمل الاتفاق على التزام بعدم اللجوء الى القوة ووقف الاعمال العسكرية بشكل نهائي والسماح بدخول المساعدات الانسانية بحرية. من جهتها نفت موسكو الخميس اتهام السلطات الجورجية للقوات الروسية بتدمير مدينة غوري وميناء بوتي، مؤكدة ان قوات استطلاع فقط موجودة في هاتين المنطقتين. وقال مساعد رئيس اركان الجيش الروسي اناتولي نوغوفيتسين ان "ما قيل (في غوري) انها خمسون دبابة ليس سوى مدرعات خفيفة لنقل القوات مع كتيبة متخصصة مهمتها الاستطلاع واجراء اتصالات" مع السلطات المحلية. وفي ما يتصل بالمعلومات حول ميناء بوتي، اكد ان "هذه المعلومات كاذبة، فقد اوقفنا القتال منذ يومين ولا نقوم سوى بمهمات استطلاع". من جهته، قال ممثل لهيئة الاركان الروسية في المكان لوكالة انترفاكس ان القوات الروسية سيطرت على مخازن للاسلحة قرب غوري وبوتي ومدينة سيناكي. واكد هذا المسؤول ان "قوات حفظ السلام عثرت على كميات كبيرة من العتاد العسكري والذخائر قرب مدن غوري وبوتي وسيناكي التي تضم مخازن عسكرية كبيرة" للجورجيين. كذلك، نفى الجيش الروسي اسقاطه طائرات جورجية من دون طيار في اوسيتيا الجنوبية، بحسب ما كان اعلن الاربعاء مصدر في وزارة الدفاع الروسية. هذا وأعلن السفير الفرنسي في جورجيا اريك فورنييه للصحافيين الخميس ان موسكو تعهدت سحب جيشها من مدينة غوري الجورجية الجمعة. وفي ردها على واشنطن حذرت وزارة الخارجية الروسية الولاياتالمتحدة الخميس من اي دعم تقدمه إلى جورجيا من شانه ان يؤدي إلى "تكرار السيناريو المأساوي" في اوسيتيا الجنوبية. ودعت موسكوواشنطن إلى "الاحجام عن اي عمل قد تفسره الادارة الجورجية الحالية بوصفه تشجيعا لطموحاتها الانتقامية ويؤدي إلى تكرار السيناريو المأساوي"، بحسب البيان الروسي الذي ياتي ردا على كلمة الرئيس الاميركي جورج بوش. واعتبرت وزارة الخارجية الروسية، كما فعل الوزير سيرغي لافروف الاربعاء، ان واشنطن تتحمل مسؤولية النزاع في القوقاز لان مساعدتها العسكرية اعطت تبيليسي وسائل البدء بالحرب. واعلنت انه "لا يمكن ان ننسى ان مسؤولية هذه الاحداث تقع كذلك على عاتق هؤلاء الذين، وبهدف تحقيق مشاريعهم السياسية، قاموا على مدى سنوات بتسليح وتدريب الجيش الجورجي، فاحيوا داخل نظام تبيليسي فكرة ان افعالهم يمكن ان تمر بلا عقاب وانهم قادرون على فعل اي شىء". واعربت الوزارة عن "اسفها" لان الولاياتالمتحدة "ترفض الاعتراف بالسبب الحقيقي لما حدث، وهو ان نظام ساكاشفيلي انتهك التزاماته الدولية واعلن الحرب على شعب اوسيتيا الجنوبية". هذا واعلن رئيسا جمهوريتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية الانفصالتيين في جورجيا خلال مؤتمر صحافي مشترك الخميس تصميم الجمهوريتين على نيل استقلالهما. وقال رئيس اوسيتيا الجنوبية ادوارد كوكويتي ان "تطلع شعب اوسيتيا الجنوبية إلى الاستقلال لم يتبدل. نسعى إلى الاستقلال بما يتوافق تماما مع قواعد القانون الدولي". وصرح الرئيس الابخازي سيرغي باغباش "في ما يتصل باستقلالنا (...) لن توقفنا اي قوة. الهدف تم تحديده وسنسير نحو هذه الغاية معا". وفور الاعلان هددت روسيا بتعزيز مكاسبها في الازمة الجورجية وتلوح بالاعتراف باستقلال جمهوريتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين، الامر الذي تعتبره شرعيا بالكامل منذ اعلان استقلال اقليم كوسوفو. وقال الرئيس ديتمري مدفيديف خلال استقباله في الكرملين الخميس "رئيسي" الجمهوريتين الانفصاليتين المواليتين لروسيا، "سندعم اي قرار يتخذه شعبا اوسيتيا الجنوبية وابخازيا بما يتلاءم مع شرعة الاممالمتحدة والميثاق الدولي الصادر العام 1966وميثاق هلسنكي حول الامن والتعاون في اوروبا". وينص ميثاق هلنسكي النهائي الموقع العام 1975على الدفاع عن وحدة اراضي الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها. ويدافع الميثاق الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية الموقع العام 1966بدوره عن هذا المبدأ. واضاف الرئيس الروسي "سنكتفي بدعمهم، سنكون ضامنين لهذا الحق في القوقاز كما في بقية انحاء العالم". من جانبه وافق البرلمان الجورجي الخميس على انسحاب بلاده من رابطة الدول المستقلة نتيجة لحربها مع روسيا. وكانت رابطة الدول المستقلة قد تأسست عام 1991بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وتضم كافة جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق عدا دول البلطيق الثلاث، لاتفيا واستونيا وليتوانيا. واتهم مسؤول اميركي كبير الخميس القوات الروسية بالمشاركة في هجوم ضد القوات الجورجية في ممرات كودوري التي تشكل قسما من جمهورية ابخازيا الانفصالية التي كانت تسيطر عليها تبيليسي. وقال ماثيو بريزا مساعد وزيرة الخارجية المكلف الشؤون الاوروبية والاوروبية الاسيوية ان "ما يسمى قوات السلام الروسية والكومندان سيرغي تشابان هاجما ممرات كودوري. كان هذا الامر معدا مسبقا". من جانبها املت فرنسا الخميس ان ينتشر مراقبون جدد لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا "في اسرع وقت" في جورجيا. وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فريدريك دوزانيو للصحافيين ان باريس "ستقترح على شركائها ان يتخذ قرار في اسرع وقت لاتمام هذا الانتشار". واعلنت هيئة الاركان الاوكرانية الخميس ان الجيش الاوكراني سيراقب مدى التزام الاسطول الروسي بالقيود التي فرضتها كييف على تحركاته انطلاقا من قاعدة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم (اوكرانيا). وضمن المساعي الدولية قال مسؤول الماني ان المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ستتوجه الى جورجيا يوم الأحد لإجراء محادثات مع الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي تهدف الى اقامة سلام دائم بين تفليس وموسكو. من جهته اعلن وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي للصحافيين الخميس ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغى زيارة مقررة الى وارسو في ايلول/ سبتمبر. وفي الجانب الإنساني من الأزمة قالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الخميس إن اللجنة تقلت "الضوء الأخضر" من السلطت لتقديم المساعدة للسكان المدنيين في أوسيتيا الجنوبية لكن بواعث قلق أمنية لا تزال ثائمة.