في قناة الجزيرة الوثائقية يعرض فيلم وثائقي اسمه (البحث عن السعادة) يتحدث في كل حلقة عن حياة مجتمع معين في بلدان مختلفة الظروف والطبائع؛ تنتقل الكاميرا بين أبطال الفيلم. تنقل مشاعرهم ورؤاهم، تأملاتهم في ما حولهم وسبل سعادتهم كما يتصورونها ويجدونها، ولأن نظرة الإنسان تتأثر بمحيطه.. تختلف النظرة للحياة السعيدة من مجتمع/جيل لآخر فجيل سالف كان يراها بالكفاح وجيل حاضر يراها في المدنية والتمتع بالحياة العصرية وعالم الاستهلاك. لم تكن نتيجة الفيلم واحدة طبعاً فلكل إنسان تصور مختلف ومغاير يراه هو السعادة.. فيعيش أو هو يلهث وراءها بحثاً عن سرّها، يريد التفوق في كل شيء لأنه يرى فيه لذة العيش. مذ كنّا صغاراً كانت السعادة لدينا في لعبة أو حلوى لأنها تحقق لنا متعة جزئية نراها في لحظة هي اللذة الكبرى، كبرنا وكبرت وسائل الترفيه وكبر شعورنا ب"المتعة"، نسينا أو تناسينا أننا وبعد كل متعة نبحث عن أخرى لنرضي ذاك الظمأ والإلحاح فلم نرتو أبداً.. وظل شغفنا بسر الحياة ملهوفاً عليها بكل ما فيها، بل ربما تجاوزنا بتصورنا أننا وببعض التقدير والتخطيط البشري نستطيع تحويل الدنيا لجنة كاملة وكأن الدنيا لم تخلق للابتلاء.. نسينا هذه الحقيقة فعشنا وانتهت أعمارنا في البحث عن المفقود الذي لم يوجد (السعادة الكاملة). ألا تلاحظون أنه ورغماً عن الوفرة المادية والرفاهية المتحققة للإنسان في العصر الحديث إلا أن الكآبة مازالت هي العدو الأول للإنسان؟. فكما تقول الإحصاءات هناك أكثر من 100مليون مكتئب حول العالم، 100مليون إنسان يعاني كل لحظة حزناً وألماً. السؤال الذي أفكر به لو كانت السعادة بالرفاهية وامتلاك الحياة المادية فلماذا صار الاكتئاب هو مرض العصرِ الرديف للحضارة!.