في المقال السابق تحدثنا عن اختلاف موسم رمضان المقبل، بسبب غياب أهم الأعمال الدرامية المؤثرة في مسيرة المجتمع، مسلسل "طاش ما طاش"، الذي سيختفي من خريطة رمضان للمرة الأولى منذ خمسة عشر عاماً، وغيابه حدث غير عادي لأن المسلسل أصبح ترمومتر القضايا الاجتماعية، وتجاوز مجرد كونه عملاً كوميدياً طائشاً فنياً، إلى موضوع مثير في المجالس السعودية، ومروج عنيف لفكر الانفتاح والتحرر، جعل المسلسل يخسر الكثير من جمهوره المحافظ. السدحان والقصبي قررا التوقف هذه السنة عن مناقشة القضايا الاجتماعية الملحة وتجريب شيء مختلف، لكنه ليس مختلفاً تماماً. فإذا كان طاش مكون من قسمين، تلك الحلقات الجريئة التنويرية ذات التوجه القاسي في النقد، وجزء التنكيت السعودي الباعث على تقرح في الزائدة الدودية لاستخدام مؤثرات صوتية عند كل مشهد كوميدي، فإن "كلنا عيال قرية" سيكون مشابه تماماً للقسم الثاني من طاش، فلا أعتقد بأن السدحان والقصبي قادران على ابتكار ما هو جديد، بل لا أحد من "الوجوه" الكلاسيكية في الدراما السعودية قادر على الابتكار، لذلك فإن "كلنا عيال قرية" ليس إلا طاش ما طاش من النوع المسالم الذي لن يغضب أحد، حتى إن التيار الغاضب على طاش لن يثير أي قضية ضده هذه السنة، وسيكون عبدالله وناصر كأي نجمين يقدمان عملاً غير قابل لإثارة أي جدل. وفي توقف طاش هذا العام انهزام لمعركة التنوير الدرامية التي بدأها الوابلي والسدحان والقصبي منذ أعوام، وألبستهم رداء الشيطنة في عيون البعض بدلاً من كونهم مجرد ممثلين يحضون بقبول اجتماعي جيد. تصريحات عبدالله وناصر عن سبب توقف طاش هذا العام وأنه مؤقت ومحاولة تجريب شيىء جديد لم تقنعني على الإطلاق، فرسائل التهديد والشعور بالذنب ودعوات الإنكار والشجب أقوى أثراً من مقالات التشجيع المثيرة للشفقة في الصحافة. فعبدالله وناصر أجبرتهما قوى المجتمع وردود فعل الجماهير الغاضبة على إيقاف طاش، لكن السؤال هو هل "كلنا عيال قرية" سيعيد بعضاً من جماهيرية النجمين المفقودة؟.