لم أجد صراحة وشفافية أكثر من بيان مجلس الوزراء قبل ثمانية أيام حين كشف عن مشروعات تنموية متعثرة. وإن لم يفصل البيان حول الظروف والأسباب، التي عوّقت إنشاء مراكز الرعاية الصحية الأولية، إلا أن مجرد الإقرار بوجود التقصير يعتبر حسنة. الحكاية تعود إلى 15ديسمبر 2003، حين أعلن مجلس الوزراء الموازنة العامة للدولة للعام 2004، بمصروفات قدرت بنحو 230مليار ريال، وفي سياق استعراض المشروعات المقرر إنجازها جاء الذكر على إنشاء مراكز صحية، ليأتي بيان مجلس الوزراء في جلسته قبل الأخيرة، يوم الرابع من أغسطس الحالي، أي بعد نحو خمسة أعوام، كاشفاً ومعاتباً ومنادياً لإصلاح خطأ حاصل وتجاوز تقصير واضح. إذ دعا البيان الرسمي إلى متابعة وإنجاز 1499مشروعاً لوزارة الصحة (مباني الرعاية الصحية الأولية) ممولة من فائض إيرادات الميزانية، والموزعة على مناطق المملكة للأعوام المالية 2004و 2005و 2006.هنا، نحن أمام حالة غريبة؛ مال مرصود ومحجوز في خزانة الدولة لإنجاز مشروع تنموي، محدد المكانة وحجم الكلفة سلفاً، وهناك من يماطل ويعوّق التنفيذ. لا أعلم ما مصلحة المعطل والمماطل والمعوّق، طالما أن كل شيء متوافر. المشروعات المتعثرة تبدو صغيرة جداً؛ مبان للرعاية الصحية الأولية! فكيف هي الحال مع المشروعات الصحية الضخمة؛ المدن الطبية مثلاً؟ هذا في شأن الخدمات الطبية، فماذا عما هو أكبر؟ لا أظن حقاً أن هناك من يستطيع تقديم تبرير تأخير بناء مركز صحي صغير واحد لا يكلف سوى خمسة ملايين، وباستغراق زمني لا يحق له بلوغ العامين. بودي أن أسأل وزير الصحة، الموجود في التناول الإعلامي كل يوم، ما موقفك من بيان مجلس الوزراء، وهل أنت من يتحمل مسؤولية التأخير، أم زميل لك في المجلس؟ هل هي وزارتك، أم وزارةٌ زميلة؟ وبودي أن أتجه بالسؤال أيضاً إلى وزير المالية، الذي أعفيت من مهامه وزارة الاقتصاد الوطني، بعد أن نقلت إلى زميل آخر له، وبات حمله أخف، ما موقفك من بيان المجلس، وهل أنت من يتحمل مسؤولية التأخير، أم زميلك وزير الصحة، الحاضر دوماً عبر وسائل الإعلام بالتصريح والزيارات والنقد الصحافي؟ وهل هي وزارتك أم الوزارة المعنية بالمشروع، إن هي تأخرت في التنفيذ وماطلت مع المقاولين المناط بهم التنفيذ؟ ليس ضيراً هذه المرة نكش وزارة المالية، فهي الأقل تضرراً في إعلامنا المحلي. فالوزراء لا يريدون تحميلها المسؤولية في تأخير صرف مخصصات وزاراتهم من الميزانية؛ لأنها عادة عربية لا ترتقي إلى التعامل وفق القوانين، ذلك أن من بيده المال لا تسعَ إلى إغضابه وحاول أن تسايره قدر المستطاع. هل هو خلل في النظام الإداري أم في الأفراد القائمين عليه؟ سؤال متروك للقارئ أولاً والمسؤول ثانياً.