يقول قائل: رأت عيني ما رأت فتمنيت على إحدى الجهات التطوعيّة أن تتبنى - وليكن في فصل الصيف- أسبوعا في العام يخصّص للتوعية بأهمية النظافة الالكترونية في كل وسائل المعلومات والاتصال التي نستخدمها. وما اعنيه تحديدا هنا هو استنهاض همّة كل ذي مروءة للبدء في تفعيل أي جهود مشتركة بين المؤسسات الرسمية والجمعيات الأهلية نحو قضية رفع مستوى الوعي العام لدى مستخدم الانترنت والهاتف الجوال ومشاهدي الفضائيات في مجتمعنا لمراعاة نظافة المحتوى الالكتروني مما لا يليق من نصوص وصور وأسماء. إن أخشى ما أخشاه على نفسي ومجتمعي هو أن نستمرئ السلوك الالكتروني الشائن جراء اعتيادنا رؤية شتى أشكال القذارة الالكترونية ومن ثم عدم الاهتمام (بواجب) إماطة (الأذى الالكتروني) عن عيون الناس وترك مخلفات غفلة الضمير وسوء التربية أكواما على طريق المعلومات السريع الذي حقه النظافة والنظام ليسلكه السالكون براحة وأمان. الم نعتد آفة "التدخين" وهي العادة التي لم تخرج لنا من باب الحلال ولم تغادر مسببات المرض وضياع المال واكتفينا بملصق تحذيري صغير لا يقرأه أحد فيما تتقافز مبيعات السجائر في بلادنا بشكل جنوني في نهاية كل عام. ألا يمكننا أن نتعاون ونبدأ - بشكل فردي- بتفحص مخزون الهاتف الجوال في جيوبنا وتنظيف ما يستحق النظافة فيه من ملفات الصوت ولقطات الفيديو والرسائل باختلاف أشكالها يستوي في ذلك ملف لقطة بذيئة أو نص فيه تشهير بمستور أو حتى تلك المحتويات التي نتبادلها للسخرية في حين نغذي بانتشارها الفتن العنصرية والبغضاء فيما بيننا. نعم يمكنك في أسبوع النظافة هذا أن تعيد التفكير حتى في مدلول الاسم الذي يمكن أن تكون قد اخترته (بذيئا أو وقحا) لتعريف شخصيتك أمام صائدي البلوتوث في الأسواق والأماكن العامة. أما شبكة الانترنت فالكل يدرك أن الكيل طافح وأن شكوى (شعوب الأرض) بلغت (عنان السماء) مما في دهاليز الشبكة من أصناف القذى للعين والأذى للضمير التي يتأرجح حال بعض واضعي محتواها المسيء بين مصيبة السقوط في بئر الغيبة وبلاء الوقوع في مستنقع البهتان. ولهذا فان أول مراتب النظافة الالكترونية الشخصية على الشبكة العنكبوتية يمكن أن يبدأ من الحرص الشخصي على عدم إشهار ما لا يستحق بل ربما علينا أن نبدأ بالتوقف عن ارتياد مواقع الريبة ومنتديات تلويث الضمير مع مزيد الإصرار على هجران كل فرق ومجموعات البريد الالكتروني التي تطفح بكل ما لا يشرف الحواس والإحساس. أما الفضائيات التي انتشرت بلا هدف وبثت محتواها بلا هوية واستقطبت تائهين لا يرقبون فيما يكتبون إلاًّ ولا ذمّة فما عليك إلا أن تتأمل الشريط الالكتروني أسفل هذه الشاشة الفضائية أو تلك وستجد أن مسألة النظافة الالكترونية على نصوص وصور هذه القنوات أولوية قصوى تقتضيها كل مبادئ الكرامة الإنسانية. ألا تستحق حملة نظافة الكترونية تلك القناة الفضائية التي (انطلقت) باسم إسلامي وبإشراف - زعموا- (شرعي) ثم (انحرفت) باسم الدولار لتستجدي غرائز السائلين المراهقين بأسئلة جريئة وقحة لبعث الرسائل تحت أبواب الثقافة الجنسية. ألا يستحق المراهقون ونحن معهم حملة إيقاظ للفضائل التي تاهت بين الشاشات تارة باسم الحرية وأخرى عبثا وتجارة باسم القيم والمكارم. في عصرنا الفاتن هذا وفي مغاني الغواية الالكترونية من حولنا لا يكاد يخلو واحدنا مما يستدعي النظافة سواء في مخازن هاتفه المحمول أو في مجلدات بريده الالكتروني وقد لا يخلو بطن الحاسب وقائمة المواقع المفضلة مما يستوجب النظافة فهل نبدأ معا "أسبوع النظافة الالكترونية". مسارات قال ومضى: (الأذى الالكتروني) لا يأتي (من عدم) فاحذر مما (لا يفنى) ولا مكان فيه (للندم).