تم إطلاق قاعدة بيانات جديدة للتربة في العالم تتيح تحسينات في تقويم مدى القدرات الراهنة والكامنة للأراضي، وتساعد على تحديد القيود الأرضية والمائية، مثلما تمكن من التعرف إلى إمكانات تدهور التربة وأخطارها. وبالاستناد الى قاعدة بيانات التربة المطورة من قبل الفاو أمكن وضع خارطة "للفجوات الكربونية" تسمح بتحديد مناطق الاختزان الأعلى للكربون والتعرف إلى الامكانات المادية المتاحة لاحتباس مليارات الاطنان الاضافية منه في مناطق التربة المتدهورة.. وقالت الفاو عبر تقرير حصلت الرياض على نسخة منه. لقد ظلت كفاية البيانات عن التربة في أغلب الأحيان حلقة المعلومات الحاسمة، الغائبة من الصورة فيما زاد عموماً من الشكوك المحيطة بعدم اليقين في السياق الاعتيادي للتنبؤ بقدرات وقيود نماذج التربة على خزن الكربون وتهيئة مناطق "بالوعة الامتصاص الكربوني" من الأجواء. والى هذا الوقت انطوت معظم جهود تسخير الزراعة في ادارة غازات الدفيئة (المسببة لارتفاع درجات الحرارة) على امتصاص الكربون فوق سطح التربة، على الأكثر بواسطة عمليات غرس الاشجار لما أثبته التشجير من قدرة على امتصاص كميات بالغة الارتفاع من الكربون. بيد ان ثمة اهتماماً متزايداً باكتشاف كيفيات زيادة احتباس الكربون في باطن التربة أيضاً، على اعتبار ان جوف التربة يعد أكبر مستودع قاطبة في العالم للدورات الكربونية المتواصلة، رغم التفاوت الواسع في تقديرات هذه الكميات بين مختلف الجهات. وعموماً تتوقف قدرة التربة على تهيئة مستودع للكربون على أساليب ادارة استخدام الأراضي المطبقة، علماً بأن الاحتباس الكربوني الطويل الاجل يتم عادة بأشكال وفي طبقات من باطن التربة ذات أطوار بطيئة ذاتياً لإعادة التدوير. ويقول خبير المنظمة لتصنيف الأراضي فريدي ناخشتر غايل، ان "الخواص الكيميائية والمادية لنماذج التربة هي ما يقرر المعلومات المعينة حول ما اذا كانت التربة ستؤدي دوراً جيداً كمرشح للنفايات، وكمأوى للكائنات الحية، وأيضاً كموقع لتشييد المباني. وكما ملكنا من معلومات حول خواص تربة، استطعنا تقييم نوعية مواردنا الطبيعية في انحاء العالم وامكاناتها لانتاج الغذاء بصورة افضل، الآن ومستقبلاً، في ظل مختلف افتراضات تغير المناخ". وأضاف خبير المنظمة ان "بيانات سرد خواص التربة جزء لا يتجزأ من الصورة العامة لكيفية عمل أي نظام بيئي؛ وتدل خواص التربة ايضاً على امكانية خزنها لمياه تكفي للنمو النباتي خلال الجفاف، ولتحمل الفيضانات فضلاً عن توفير المجموعات الصحيحة من المواد الكيميائية للنباتات كي تنمو على ما يرام". ويحدد تقويم المناطق البيئية الزراعية في العالم معدل انتاج الأراضي كمياً، وقد تولت المنظمة بالاشتراك مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية "HASA" جمع المستجدات الاقليمية والوطنية الأخيرة من معلومات التربة في جميع أنحاء العالم، ودمجتها معاً في خارطة للتربة من اعداد المنظمة، ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "UNESCO"، ضمن قاعدة بيانات عالمية منسقة "HWSD" دخلت حيز التشغيل مؤخراً، أما الشركاء الآخرون مثل شبكة مكتب التربية الأوروبية "ESBN"؛ ومعهد علم التربة بأكاديمية العلوم الصينية، ومعهد "ISRIC_World Soils" الدولي فقدمت مساهمات واسعة في جملة هذه المعلومات المتكاملة. وتملك مختلف نماذج التربة قدرات متفاوتة على اختزان الكربون، مما تنعكس نتائجه مباشرة على احتباس غازات الدفيئة. وتحمل التربة في العالم من الكربون العضوي ( 1500طن كلي) ما يفوق معادلها من الاجواء التي تحمل نصف هذه الكمية من ثاني أكسيد الكربون ( 720طناً كلياً) وما تحمله المادة الخضراء ( 600طن كلي) معاً. ولذا، فالقليل نسبياً من تدفق الكربون داخل او خارج التربة يغل تأثيراً ذا دلالة بالمقياس العالمي. وفضلاً عن امكانية التنبؤ بتبدل أنماط التهطل المطري في ظل مختلف افتراضات تغير المناخ، يتطلب العلماء بيانات ومعلومات هذه القاعدة للوقوف على مدى سعة خزن الرطوبة في التربة. واليوم تتيح قاعدة البيانات العالمية المنسقة الشاملة "HWSD" معلومات محسنة عن التربة، تمس اليها الحاجة على نحو خاص في إطار المعاهدة الخاصة بتغير المناخ "CCC"، والآليات المطبقة لاحقا لبروتوكول "كيوتو" لقياس أرصدة الكربون في التربة و"مقايضة الكربون" في جميع أنحاء العالم. وبالمثل ففي الوسع اللجوء الى بيانات القاعدة من قبل المهندسين الزراعيين والخبراء الزراعيين والعلماء في سياق التخطيط للتنمية المستدامة للانتاج الزراعي.. وايضاً في العمل على تحسين تقديرات تدهور الأراضي، واجراء دراسات التأثير البيئي وبحث خيارات الادارة المستدامة في استخدامات الأراضي.