نفهم جيداً أن المشاريع التنموية العملاقة ومنها المدن الاقتصادية التي بدأت مداميكها تتجذر في أكثر من مدينة من جغرافيا الوطن، والمدن الصناعية التي هي مفاصل حقيقية في نمونا الاقتصادي، والحياتي، تشكل حالة توثب مهيب نحو التكامل في الإنتاج، وتنويع مصادر الدخل القومي، وتوسيع دائرة الاكتفاء من خلال خلق فرص واسعة في سوق العمل، وتنوع المشاريع، وتعدد الدخول. نفهم هذا جيداً، وندركه بوصفه انبعاثاً جديداً وقوياً للوطن، ودخوله إلى عوالم الشعوب المتطورة، والحديثة التي تستوعب حالة المتغيرات، والتحولات في العالم، وتبني مقومات وجودها على أسس علمية منهجية من الاستشرافات التي تضمن مستقبلات الأجيال، وتوفر لها حياة إنتاجٍ، وعمل، وعطاء، وخلق، وإبداع في كافة المضامين. نفهم أن كل مشروع إنتاجي هو مشروع تحوّل على كل الصُّعد في المفاهيم، والرؤى، وطرائق العيش، وتفاصيل الحياة، والنظرة إلى فعل المواطنة بمفهومها الحقيقي الواعي، واستيعاب معنى أن يكون الوطن قوياً، منتجاً، فاعلاً، مشاركاً في نمو وتنمية الإنسان الأممي. تاركاً بصماته، وتأثيراته على حضارة العالم، وما يحتاجه من رخاء، وتوثب، وطموح، وغايات هي هدف حقيقي للشعوب الواعية في هذا الكون الواسع. نفهم التأثيرات الاقتصادية، والمعيشية، والإنتاجية التي توفرها هذه المشاريع المهيبة، واحتفاليتنا بها تأتي من منطلق أننا نشعر شعوراً راسخاً بأنها البداية في فهم التطور، والتحديث، والتحول، والتنوع. فليس بالبترول وحده تحيا الشعوب. وليس بمصدر واحد يمكن أن تُبنى مقومات وطن، وشعب، وإنسان. هذه حقيقة، وهذه كما تقول العبارة القديمة جداً "تحصيل حاصل". غير أن الذي هو حالة غير منظورة، ومفرحة جداً، ألف جداً. أن المدن الاقتصادية، وما تنتجه من مجمعات سكنية، وأنماط جديدة في أسلوب وطريقة العمل، وما تخلقه المشاريع العملاقة من مفاهيم، وتحوّلات في تفاصيل الحياة، وأشكال الاستهلاك، والإنتاج هو ما يجعل الإنسان يطمئن إلى أن التحول الاجتماعي يسير بطريقة منسقة ومنتظمة، وأن تأثير هذه المدن الاقتصادية الكبيرة سيمتد إلى نسيج المجتمع فيُحدث صدمة قوية وإيجابية من التغيير الذي نتمناه، ونحلم به منذ أمد بعيد. لقد أحدث عالم "أرامكو" تغييراً جذرياً في محيط إنسان المنطقة الشرقية، ووفر تأثيراً مباشراً في التفكير، والفهم، والتعاطي مع الحياة، والنظرة إلى العالم. واستوعب تحولاته، ومستجداته. وما ستحدثه المدن الاقتصادية، والمشروعات الصناعية الكبيرة هو حالة ستختصر الزمن، وتقضي على كثير من المعوقات التي تسربل المجتمع بكل أشكال التخلف.. مرحباً بوعي جديد، ومفاهيم جديدة من شأنهما حل كثير من إشكاليات حياة المجتمع.