في العودة إلى الأرشيف الصحافي، أقر مجلس الوزراء السعودي في جلسته بتاريخ 13مارس 2006بإنهاء أزمة حمى الضنك، التي اجتاحت جدة. بيان المجلس، الذي جاء على لسان وزير الثقافة والإعلام، قال "إن المجلس اطلع (...) وباهتمام بالغ على محضر اللجنة الوزارية المشكلة بناء على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - لدراسة احتياجات محافظة جدة لمواجهة أخطار حمى الضنك وتوفير أنجع السبل لمعالجتها، وقد قرر المجلس الموافقة على توصيات اللجنة سالفة الذكر والاسراع في تنفيذ المشروعات المقترحة لعلاج حمى الضنك في محافظة جدة وذلك بشكل فوري وعاجل وصولا الى حل جذري فاعل وشامل لهذه المشكلة". والبيان كان واضحاً ومباشراً، حيث أشار إلى أن "التكلفة المالية المعتمدة لهذه المشروعات تبلغ ألفاً وأربعمائة وثلاثة وعشرين مليونا وتسعمائة وخمسين الف ريال". كما كشف عن البرامج المقر إنجازها وفق قرار المجلس، ومنها: "برنامج المكافحة الشاملة للبعوض والحشرات، وبرنامج الاستكشاف الحشري ومراقبة كفاءة المكافحة، وبرنامج المكافحة المنزلية لنواقل حمى الضنك، ومشروع ردم المستنقعات غير الدائمة، ومشروع شفط وسحب مياه الامطار في حالات الطوارئ، وبرنامج شامل لمعالجة التلوث البيئي ببحيرتي الاربعين والشباب وشرم أبحر والكورنيش الجنوبي والشمالي". كل شيء محدد، والمبلغ مرصود، بعد أن أنجزت اللجنة الوزارية عملها، ومن قبلها اللجنة الميدانية المنبثقة عنها، وبقية اللجان التي لا نعلم عنها. كل شيء انتهى فرضياً، وتبقّى أمام أمانة مدينة جدة والمؤسسات الحكومية الأخرى المعنية تنفيذ ما يلزم والذهاب سريعاً إلى تفعيل ما أقره المجلس الوزاري برئاسة الملك شخصياً. لكن الأخبار المؤسفة بعد مرور اكثر من عامين، والتي ترد من الساحل الغربي للبلاد، لا تسر ولا تمنح أي مطلع فرصة للتفاؤل، فوزارة الصحة تعلن رسمياً عبر مدير الشؤون الصحية في محافظة جدة الدكتور سامي باداوود، وفق صحيفة عكاظ، أن "مستشفيات جدة تستقبل حوالى 44حالة إصابة أسبوعياً"، مضيفاً أن "حالات الاصابة بحمى الضنك في المحافظة تقارب 200حالة شهرياً". ولا ننسى أن مقيماً آسيوياً قد قضى نحبه متأثراً بهذه الحمى قبل أيام. لست في مجال سوى التذكير بالبيروقراطية الإدارية، التي لا تتفاعل مع الحدث، ولا تحس بحياة بشر تنتهكم الحمى يومياً، فلا أحد يملك أي تفسير لتأخر العلاج طالما أن القرار واضح والمبلغ مرصود، والمشروعات والبرامج مقررة ومعلنة في بيان حكومي رسمي. أقول هذا الكلام وقد مضى أكثر من عامين أو نحو ثمانمائة يوم على القرار، ولا أملك حقيقة الرقم الكلي لعدد المصابين بالحمى طوال هذه البيروقراطية، ومن يتحمل إثمها!