قرأت مبتسمة ما كتبه في كل من جريدة "الرياض" الجمعة 30مايو، وكرره في عكاظ السبت 31مايو الدكتور عبدالله بن نصيف أستاذ في كلية الآثار بجامعة الملك سعود، عني وعن ضيفي الكريم الأستاذ الدكتور أحمد بن عمر زيلعي الذي شرفني في احدى حلقات برنامج 60دقيقة ثقافة وفن التي اقدمها من جدة، والزيلعي الذي حاول نصيف التجني عليه هو علم من أعلام المعرفة والثقافة، وكل من شاهد الحلقة فطن جيداً أننا كنا نناقش قضايا عامة حول الآثار في المملكة وكيفية استثمارها، وكانت آثار مدائن صالح محوراً من محاور عدة. ولكن الآن آلية العمل الإعلامي لا يدركها الدكتور نصيف حيث تضمن ما كتب في كلا مقالتيه الحالية والسابقة منذ سنتين عبارات مليئة بالتجني والمجانية وتخلو من المنطق العلمي، وفضلت تجاهلها والرد عليه بطريقة أكاديمية حين نشرت عبر ثقافيةعكاظ مقالا مطولا عن مدائن صالح على جزءين حشدت فيه معلومات نقلت بعضها من بحث متخصص للبروفسور البريطاني هيلي من دورية "الاطلال" التي تعنى بالآثار في السعودية، اضافة إلى بعض الكتب عن مدائن صالح ككتاب اخرجه كل من العالم الدكتور عبدالرحمن الأنصاري والدكتو ر حسين أبوالحسن، تناولا فيه الآثار الشاخصة للعيان بالمنطقة، كما نقلت بعض ما توصلت له خلال تواصلي مع بعض المتخصصين في الآثار، ومنهم من وقف على الحفريات الأثرية بنفسه في المنطقة وهو الدكتور خالد أسكوبي عضو وكالة الآثار والسياحة والذي يحاول نصيف انكار تخصصه ومجهوده الميداني الرائع وصدقه العلمي حيث أنكر نصيف في مقاليه استشرافي بآراء متخصصة في التقارير التي أعددتها مسبقاً في الشرق الأوسط، مما آثار دهشتي من كذبه، والتجني عليّ بوصفي الجاهلة، ولا أعلم من هو الجاهل حقاً بعد ما كتبه هو؟.. والحقيقة التي يحاول نصيف اضاعتها في تعصب علمي باحتكار فضل العلم لنفسه، هي أن آثار مدائن صالح الشاخصة (الجبال المنحوتة قصوراً والديوان) نبطية وليست ثمودية كما ذهبت غالبية الآراء العلمية والأدلة الأثرية، وقبل كتابتي هذا المقال هاتفت الدكتور أسكوبي وهو ممن وقفوا على الحفريات في المنطقة بنفسه؛ للتأكد من آخر النتائج الأثرية وان كانوا قد عثروا على دليل أثري جديد إلا انه أكد لي أن لا دليل أثري حتى الآن يعود للثموديين المعروفين بنسبتهم لصالح عليه السلام الذين عذبوا نتيجة عقرهم ناقته. ولأن هذه المعلومة التاريخية بكون الآثار الشاخصة في مدائن صالح هي لقوم ثمود كانت سبباً للفتوى التي استشهد بها نصيف في عدم احياء منطقة مدائن صالح، وبالتالي تعطيل استغلالها كثروة ثقافية اقتصادية سياحية وطنية، وحقاً لا أحد ولا أنا يمكن أن ينكر قصة أهل الحجر وصحتها كونها ذكرت في القرآن الكريم، إلا أن هذه الآثار الشاخصة كما اثبتت الدراسات والحفريات هي مقابر نبطية وليست مساكن ثمودية، وينبغي مراجعة ذلك، ورغم عدم تخصصي العلمي في الآثار إلا أني وجدت نفسي مهمومة بهذه القضية لكوني مواطنة تحب ههذه الأرض وغيورة على مصلحتها الاقتصادية والثقافية، فبحثت وقرأت وتواصلت مع المتخصصين لايصال صوتها اعلامياً قدر استطاعتي. ولو يعرف نصيف وهو الأثري المتخصص كم نضيع على الوطن من هذه الثروة الأثرية غير المستغلة لأدرك جهل تعصبه لرأي لا يثبته دليل علمي، ولو يعرف أن هذه المنطقة من شأنها إذا ما أعيد النظر في الفتوى ضمن لجنة شرعية أثرية علمية أن تتحول إلى اخرى حية استثمارية تعين على توفير عدد كبير من الوظائف لأبنائنا في الارشاد السياحي وتحيي المنطقة وتاريخها، بل ما الذي يمنع من استثمارها في السياحة الدينية إن صدق الرأي الذي يزعمه نصيف، فما أبقى الله تعالى هذه الآثار في الأرض إلا لأخذ العظة والعبرة لا أن نغلقها ونعطلها. وكنت اتمنى ان يدرك بأنني في جميع التقارير الصحافية التي تناولتها سابقاً في جريدة الشرق الأوسط منذ أكثر من عامين والتي كان لها الفضل بعد الله تعالى في البدء بصحوة أثرية إعلامية في صحفنا، لأدرك أني كنت مجرد ناقل معلومة، حاولت نقلها للقارئ باسنادها إلى أسماء قائليها من نخبة الاكاديميين يحاول هو التقليل من شأن علمهم، واشارته إلى كوني صحافية يملأها الخطأ والجهل، لماذا إذن يثق بها ويشارك معها في تقرير أعددته عن بلدة العلا القديمة المنشور بالشرق الأوسط سابقاً، بعد نشري بفترة لتقارير مدائن صالح الذي يزعم انه مليء بالأخطاء؟ أليس من باب اولى ان لا يثق بهكذا صحافية؟! أما عن استشهاده في مقاله بأنه صحح معلوماتي في اتصال بيننا، فإن ما ذكره لي حينها كان رأيا اجتهاديا لا يسنده دليل، وعدم أخذي برأيه يعود لكوني أبحث عن آراء تستند إلى أدلة متجددة زمنياً، وليست معلومات راكدة، والا فليخبرنا متى كان آخر مرة وقف فيها بنفسه على حفرية أثرية في المنطقة التي يدعي وحده العلم بها، وأستغرب أي تصحيح هذا الذي قدمه في مقاله السابق منذ سنتين وكله لوي لعنق الحقيقة التي لا تصح أن تصدر من أكاديمي مثله، وإلا لماذا لم يذكر أسماء هؤلاء الذين يزعم أنهم غير متخصصين ممن تناولت رأيهم؟! أخيراً، أنصحه ببذل مجهود علمي حول ما يزعمه في ثمودية الآثار الشاخصة في مدائن صالح بدلا من اضاعة الوقت في كتابة تعليقات صحافية مجانية على شخصي تخلو من مبدأ العلمية والحيادية، وإن أراد تأكيد زعمه الباطل عليّ، فعليه أن ينكر اولا ما قدم من أبحاث تؤكد نبطية الآثار الشاخصة في مدائن صالح، وأن يقدم دليلا أثريا ولو واحداً يثبت أن هذه الآثار الشاخصة ثمودية، دون لوي الحقيقة كما فعل في مقاليه فيحذف منها ما لا يتفق مع هوى نفسه!.