تقول فتاة الحي عليا ودمعها يجري على الخدين مثل المخايل ياركب ياللي من عقيل تقللوا على ضمر شروى (1) الجريد النحايل عليها غلمان لكن وجوههم بدور الدجا لولا اللحا والجدايل واليا لفيتوا سلم الله حيكم متبجحين في حضون الحلايل فيكم من يلفي على بنت عوهج (2) تسليه عن ماله وكل الخلايل وفيكم من ملفاه غما كسيحه من الغم شينات الطبوع الهبايل وان كان جا باغ نباها (3) حليلها تسقيه قيح مثل حامي الملايل وكم من صموت الحجل تبلا بعاقه وكم عاقة تحضا بضافي الخصايل (4) أوصيكم وصاة ما تثقل اركابكم لو علقت فوق الركاب الهزايل قولوا لابا زيد ترا نجد مخصبه وترا كل وادي من مغانيه سايل ابا زيد حب الناس عام وينقضي وحبي أنا وياك زي الفتايل ابا زيد ما يرجع الضايع العزا ولاينفع القلب المحب العذايل ابا زيد من الله من مل قربكم ومن لابكا يوم افتراق الحمايل ابا زيد من بذر الشعير استرده ومن قدم الحسنا تقاضا الجمايل ابا زيد زلبات السبايا مغره وعيرات الانضا خير منهن فعايل والله لولا البحر بيني وبينك جيتك على وجناً من الهجن حايل حايل ثمان سنين ما مسها النيا (5) ولا دارها الجمال بين العدايل لكن بني البدو يمشطن ذيلها على ثومة العرقوب غادي عمايل ولكن صريخ المرو من تحت خفها صريخ القطا في محكمات الحبايل ولكنها في الحزم الادنا نعامه وفي الحزم الأقصى من دقاق الزوايل غزالية المقدم جمالية القفاء هي شفكم ياراكبين الرحايل نسب الشاعرة وعصرها: عاشت شاعرتنا في القرن الخامس الهجري واشتهرت بعليا الهلالية لارتباطها بقصة عشق مع أبي زيد الهلالي ويذهب بعض الرواة إلى أنها من قبيلة عبيدة، ويقوي ذلك ما يحفظه الرواة من أن والد عليا كان شيخاً على قبيلة معادية لبني هلال أشتهر بمربط خيل ذهب أبو زيد الهلالي للسطو على خيله فتعرف على عليا كما أن هناك أبياتاً يقول فيها: علمي بعليا والقنا يذرع القنا بحزوى ولا مالت معي من نفودها عيوا على عليا عبيده كلهم وعيوا على عليا ذخاير جدودها وعيا على عليا علي بن عمها على عندل بالضيق يحمى قعودها ندسني عساها تندسه حية الثرى عامين تكلى سمها في نقودها فيكون أبو زيد ذكر في الأبيات حزوى وهي مورد ماء غرب عروق سبيع في قاع يسمى قاع حزوى في منطقة الطائف بالجزيرة العربية. إلا أن هناك حزوة اسم مورد ماء ومنه يمتد إلى الشرق الجنوبي عرق رملي يسمى عرق حزوة في الدهناء بالجزيرة العربية وهذا يقوي الشك في أن عليا من بني عبادة بن عقيل حيث دلت كتب التاريخ على أن منازلهم في القرن الخامس بين نجد والعراق وكذلك نجد عليا في هذه القصيدة توصي ركباً من بني عقيل. ويقول الرواة في الجزيرة العربية أن أبا زيد الهلالي لم يتزوجها وإنما بينهم عشق فقط والروايات الأخرى في ليبيا وتونس تذكر أنها زوجته. دراسة النص تعددت روايات هذه القصيدة تزيد أبياتها وتنقص سواء من الرواة أو ما كان مدوناً في المراجع وقد اعتمدت هنا على ما ورد في مخطوطة ابن يحيى، هذا بالإضافة إلى نسبة بعض الأبيات منها إلى شعراء آخرين لهم قصائد على نفس البحر والقافية. وتعد هذه القصيدة من عيون الشعر الهلالي والنسائي وقد أبدعت الشاعرة في وصف الركب وقسمت أصناف النساء وما يلاقيه زوج كل صنف وكأنها تنصحهم بحسن الاختيار فقد تبتلى المرأة ذات الخلق برجل أحمق وقد يبتلى الرجل ذو الخصال الحميدة بامرأة سيئة، ثم تذكر وصيتها لهم والتي هي ليست شيئاً يحمل وإنما إبلاغ أبو زيد بأن نجد قد عمها الخصب، وتذكره بعلاقة الحب المتميزة التي تربطهما، وأن المفقود لا يعيده السلوان كما أن العذل لا ينفع المحب، متذكرة وقت الرحيل والفراق والذي لم يأت برغبتها وتدعو على من لم يبك ذلك اليوم وتؤكد أن الجزاء من جنس العمل فمن يزرع الشعير سيجنيه ومن يقدم الجميل سيجده ثم تشير إلى أن الخيل لا يعتمد عليها في السفر البعيد وإنما الإبل هي الأفضل ولو أن البحر لا يحول بينها وبينه لجاءت إليه على ناقة قوية البنية شديدة قد ركب عليها الشحم ولم يضربها الفحل ولها بهذه الحال ثماني سنوات لم يسافر عليها ولم يحمل عليها وتكني عن عرض الذيل الذي له شعر كثيف كأن بنات البدو يساوينه على قوائهما ويعتبر ميزة للناقة النجيبة باكتمال صفاتها الجسدية ثم تشبه صوت الحجارة تحت أخفافها بصريخ طائر القطا عندما يقع في الفخاخ دلالة على قوة وسرعة حركة قوائم الناقة بحيث تبدو في المرتفع القريب كأنها نعامة ثم ما يلبث أن يتلاشى حجمها بعيداً للرائي نتيجة سرعة عدوها وهذه الناقة من يراها من مقدمتها يظنها غزالاً ومن يراها من خلفها يظنها جملاً لعظم حجمها وتناسقه وبهذه الصفات هي مطلب لكل راكب. الهوامش: 1- شروى: مماثل. 2- البنت العهوج: طويلة العنق. 3- نباها: حديثها. 4- هذا البيت نسب لكثير من الشعراء منهم راشد الخلاوي والماجدي ابن ظاهر وقد اختلط على الرواة والمدونين نتيجة تشابه القافية والبحر في قصائد الشعراء. 5- النيا: البعد.