منذ ما يقارب ثماني سنوات، ومسئولو الصحة في عهد وزير الصحة الحالي وفي العهد الذي سبقه يكررون في تصاريح وبيانات صحفية أن التأمين الصحي سوف يطبق في المرحلة الأولى على الأجانب ومن ثم سيطبق على السعوديين، ولم نر حتى اليوم تفعيلا حقيقيا على أرض الواقع للتصاريح، فلا تزال النسبة العظمى من الأجانب، وان لم يكن جمعيهم بدون تأمين إلزامي أو غير إلزامي، بل ونسبة كبيرة منهم تحجز أسرة المستشفيات الحكومية لوزارة الصحة وحتى مستشفيات القطاعات العسكرية مجاناً، ويجد المواطن الجواب حاضراً، ليس لدينا سرير شاغر حتى وان كانت الحالة طارئة، ومما يزيد الأمر مرارة على المواطن "المريض" وذويه أنهم قد لا يجدون سريرا حتى في مستشفيات القطاع الخاص بداعي عدم توفر إمكانات لديها لعلاج الكثير من الأمراض، أو بسبب تشبع أسرتها بالمرضى كما هو الحال في الحكومية، ومع كل هذا وذاك لاتزال تبشر أحاديث مسئولي الصحة أن التأمين في مراحله الأخيرة، وسيطبق على الأجانب في مرحلته الأولى ومن ثم على المواطنين . وبالمقابل نلمس في مختلف وسائل الإعلام وخاصة الصحف المحلية تعرض وبشكل شبه مستمر قضايا حاجة مواطنين لأسرة "مشغولة" طوال العام، أو شكوى من مواعيد حولية أو أكثر من حولية، وتذمر من عدم توفر الدواء أو الغلاء الذي لم تعالجه قرارات الدعم والشد على شركات الأدوية لخفض أسعارها، وقبل هذه المشاكل وبعدها وفي وسطها يكثر الحديث في الإعلام وفي كل مكان ومنطقة ومحافظة عن معضلة أخطاء طبية متنوعة ومتعددة لم ينفع معها عقاب "إذا" ثبت شرعاً، يغرم الطبيب ببضعة ريالات، ثم يرحل إلى بلده بعد أن عمل كأخصائي "أخطاء" طبية وإذا كان من بعض الدول الأسيوية، فلن نستبعد أن يعود ب "فيزا" بمنصب استشاري ويملك اسما جديدا وعلما في كل شيء حتى التحنيط والتكفين .!! مواطنون أكدوا ل"الرياض" أن التأمين الصحي حل ضروري للكثير من المشاكل الصحية، ولكنه تأخر تطبيقه بالرغم من التبشير به منذ سنوات، وفي الوقت نفسه قد يشهد تطبيقه العديد من المعوقات في الفترة الحالية، مع ضعف القطاع الصحي الخاص . محمد البشيري يقول ان تطبيق التأمين الصحي من خلال تحمل تكاليفه من قبل جهة العمل كما هو الحال في الشركات الكبرى والبنوك هو الحل الأفضل، حيث تتحمل الشركة نسبة كبيرة من تكلفة العلاج أو حتى كامل التكلفة وبالتالي لا يتحمل الفرد المؤمن عليه شيئا . ويشير حمود العتيبي أن الصحة تأخرت في تطبيق التأمين فلو طبق على الأجانب منذ سنوات لعرفنا سلبياته وإيجابياته، وان كان حال مستشفيات الصحة والقطاع الخاص، تمر بمشاكل متنوعة، ويبقى القطاع الصحي للجهات العسكرية هو الأفضل وان كان الزحام عليها سيجعلها تتأثر كما هو الحال في الكثير من مستشفيات وزارة الصحة، ومن جهته يؤكد ماجد الأحمدي أن هناك حلة تشاؤم من المستشفيات الخاصة بسبب الأخطاء الطبية، وشجع المراكز الصحية الأهلية، كل ذلك سيجعل تطبيق التأمين مزيدا من الربح لها، ويجب ان تتولى الجهات الحكومية مثل وزارة التربية وغيرها بناء مستشفيات كبيرة تعالج فيها منسوبيها برسوم رمزية. العلاج مكفول للسعوديين الدكتور عبدالاله ساعاتي عميد مركز خدمة المجتمع في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة حالياً، وكان على رأس إحدى شركات التأمين في المملكة سابقاً، وعمل لفترة مسئولا إعلاميا في وزارة الصحة تحدث ل "الرياض" عن جوانب من شئون وشجون التأمين الصحي، مؤكداً على ان تطبيق التأمين على الأخوة من غير السعوديين بالفعل تأخر، ولكن هناك معوقات واجهته وفي الوقت الحالي هذه المعوقات تعتبر أشد من أي وقت مضى وخاصة اذا ما كان القطاع الخاص هو من سيعالج المؤمن عليهم، وذلك بسبب نقص أسرة المرضى في القطاع الخاص، وبالطبع في القطاع الحكومي من باب أولى، والمملكة بحاجة حقيقية للتوسع في القطاع الصحي الخاص لمواجهة النمو المتزايد في عدد السكان من سعوديين وأجانب، وكذلك لدينا حاجة لتحسين وضع القطاع الصحي عموماً والخاص بشكل أكثر ومركز، مع إيجاد المرونة المطلوبة بدون التعقيدات الروتينية لتفعيل مشاريع صحية خاصة وكبيرة بمواصفات عالمية وآليات تطبيق رقابة واشراف فعالة على هذا القطاع . وأضاف ساعاتي أن تجربة شركات التأمين في المملكة رغم كثرتها ووصولها إلى عدد 43شركة لا تزال حديثة وبحاجة للوقت والممارسة لاكتساب الخبرة في مجال التأمين الصحي في المملكة، الذي هو جديد إذا ما استثنينا تجربة شركات محدودة على اعداد محدودة من منسوبي الشركات الكبيرة في المملكة . ويعاني هذا القطاع بالتحديد من أزدوجية جهة الاشراف عليه ما بين مؤسسة النقد السعودي، ومجلس الضمان الصحي الذي يعنى بجوانب التأمين الصحي في المملكة، حيث يتلقى مسئولو شركات التأمين تعليمات من الجهتين وهناك نوع من التناقض في بعضها في ما يخص جوانب التأمين الصحي . وهناك إشكالية ظهرت مؤخراً في جوانب التأمين الصحي بسبب ارتفاع أجور الخدمات الصحية في المملكة مع موجة ارتفاع الأسعار في مختلف مناحي الحياة، حيث قد تصل وثيقة التأمين إلى 15ألف ريال سنويا وهذا مبلغ كبير على السعودي سواء على نفسه وعائلته، وعلى من هم تحت كفالته من الأجانب، وهو مكلف على الشركات الصغيرة التي يتبع لها عدد من العمالة البسيطة . وشدد ساعاتي على أن الدولة معنية بعلاج المواطن وفق أنظمة الدولة التي جددت عام 1412للهجرة حيث تنص المادة رقم 31في النظام الأساسي للحكم على أن الدولة تعنى بالخدمات الصحية وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن . وفي الوقت الراهن هناك طلب على الخدمات الصحية والجهات الحكومية والقطاع الصحي الخاص غير قادر على تلبية هذا الطلب، والزحام على الخدمات الصحية إجمالا تسبب في تراجع واضح في الخدمات الصحية في المملكة ومن الطبيعي أن يكون هناك في الوقت نفسه أخطاء طبية مع الكثافة الكبيرة على المستشفيات من ملايين المراجعين، والشخص أحيانا يبحث عن سرير في مستشفى حكومي أو خاص ولا يجد حتى موقعا في الطوارئ . وطالب ساعاتي في ختام حديثه بضرورة مراجعة شاملة للوضع الصحي قبل تطبيق التأمين مع التوسع في زيادة مستشفيات وأسرة وأطباء وأطقم طبية واجهزة طبية وكل ما يحتاجه المريض السعودي وغير السعودي .