كل من تابع برنامج مسابقة شاعر المعنى التي تقام على مسرح المفتاحة في مدينة أبها وبرعاية كريمة من سمو أمير منطقة عسير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز يلاحظ أن هذا البرنامج يشكل خطوة هامة في طريق عودة المحاورة إلى مكانها ومكانتها التي تستحق. كما أنه يسعى لإعادة صياغة وترتيب كل ما يتعلق بهذا اللون الشعبي الجميل من خلال الاعتماد على المعنى والجزالة ونبذ المهاترات والتعصب القبلي الذي جثم على صدر المحاورة خلال العقد الماضي وكان بوابة العبور لانتشار وشهرة ونجومية بعض الشعراء وهم أبعد ما يكونون عن شعر المحاورة بمفهومه الصحيح. وشعر المحاورة الذي بدأ من الحجاز منذ عقود أصبح مرغوباً ومطلوباً في بعض مناطق المملكة خصوصاً نجد والجنوب بفضل بعض الشعراء الكبار من أهل المنطقتين والذين ساهموا في تغيير خريطة شعر المحاورة ونقلوه إلى مساحة أوسع وأرحب ثم ما لبث أن وصل إلى بعض دول الخليج ولكن على استحياء وفي مناسبات قليلة جداً. @ ومن خلال قناة الساحة الفضائية أصبح شعر المحاورة أكثر توهجاً عن ذي قبل، فلم يعد لوناً شعبياً يكتفي بالتواجد في بعض المناسبات الخاصة، بل أصبح فناً قائماً تبثه قناة فضائية وتتابعه الجماهير بمختلف ميولها. @ وما زاده رصانة ورفعة برنامج شاعر المعنى الذي لم يعد فيه موطئ قدم لشعراء السباب والقدح في الأنساب واعتمد اعتماداً كلياً على النقض والفتل واللغة كما هو متعارف به بيتان (بدع) وبيتان (رد) للشاعرين المتحاورين وهذا المحك الحقيقي للشاعر. @ ومن الأساسات التي قام عليها البرنامج عدم التطرق إلى القبيلة وعدم إثارة النعرات، وهذا بلا شك أبرز محاسنه وأجمل مآثره. إلا أن لجنة التحكيم المكونة من الشعراء: رشيد الزلامي، وفيصل الرياحي، وسلطان الهاجري كما نقول بالعامية (أخذوها بجذورها) فأصبح مجرد ذكر اسم القبيلة كمثال لشيء معين أمر مرفوض تماماً واتضح جلياً في رأيهم حول أحد الشعراء الذي كان يرمز في بيته إلى زميله بما معناه (أنني أرضى لك ما أرضاه لنفسي) مستبدلاً اسميهما باسم القبيلتين.. وهذا يكسر قيود العصبية ويؤكد قوة التلاحم بين أفراد المجتمع عكس ما كان عليه رأي اللجنة. فبالرغم أن الأقربين أولى بالمعروف إلا أن الشاعر تجاوز ذلك ليجعل الجميع أقربا يتساوون في الأولوية بالمعروف. وكان من الأولى أن يشكر على صنيعه بدل الانتقاد غير المبرر وحسم الدرجات التي حالت دون تأهله كشاعر ذهبي لحلقة الأسبوع وهو الأجدر بها. ومن المفارقات العجيبة أن الشاعر الذهبي بعد إعلان اسمه كمرشح عن المجموعة أهدى تأهله إلى قبيلته وهذه أعظم من تلك.. فمن الأجدر إعادته للتصويت وتأهيل صاحب المركز الثاني ممن لم يتطرق للقبيلة. كذلك هناك شاعر آخر في حلقة سابقة تطرق لنفس الموضوع وأهدى التأهل لقبيلته وكان المتأهل لمرحلة قادمة (جاب راس غليص) كما يقول المثل الشعبي. بقي أن نقول إن السياسة التي قدمتها قناة الساحة من خلال هذه المسابقة هي نبذ التعصب القبلي وما يوحي به.. كل هذا فقط على مسرح المفتاحة، أما ما تبثه من خلال رسائل التصويت (الشات) فهي العصبية القبلية بعينها. ويجب على رئيس مجلس إدارة القناة الأستاذ ناصر القحطاني التنبه لهذا الشيء ومحاولة تفاديه. @ مشاركة كبار الشعراء أمثال محمد بن ثايب وفلاح القرقاح ومحمد بن حوقان وشايع العيافي ومهدي الحبابي أسهم في نجاح البرنامج جماهيرياً إلا أن الشعراء الخمسة لم يتأهل أحدهم كشاعر ذهبي وظلوا تحت رحمة التصويت ولم تنصفهم اللجنة بما يوازي شاعريتهم وهو ما حدا بابن ثايب وابن حوقان إلى الانسحاب من أول مشاركة. @ رسالة إلى لجنة التحكيم: احذروا الكيل بمكيالين واحذروا حكم الجاهلين.